هل تتولّى أدوات الذكاء الاصطناعي قريبًا مراجعة طلبات المنح؟

ع ع ع

مع تزايد حضور الذكاء الاصطناعي في القطاع غير الربحي، تتجه المؤسسات المانحة إلى إعادة تقييم دوره في عمليات فرز طلبات المنح واتخاذ القرارات. 

هذا المقال، المترجم بتصرف عن منصة Candid مع حفظ جميع الحقوق، يعرض أحدث اتجاهات المانحين في الولايات المتحدة ويحلّل موقفهم من إدخال الذكاء الاصطناعي في عملياتهم بين الحذر، والاستفادة التشغيلية، والحفاظ على الثقة.


هل تتولّى أدوات الذكاء الاصطناعي قريبًا مراجعة طلبات المنح؟

 هذا السؤال لم يعد نظريًا. 

المؤشرات الأخيرة تكشف كيف تنظر المؤسسات المانحة في الولايات المتحدة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي سواء لفحص طلبات المنح، أو لدعم اتخاذ القرار حول الجهات التي تستحق التمويل في المستقبل القريب. إنه تحوّل قد يعيد تشكيل طريقة العمل الخيري من جذوره… والبيانات بدأت تتكلّم.

مع توسّع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يحاول كثيرون في القطاع الاجتماعي فهم تبعاته الفعلية. فما زالت الأسئلة الأخلاقية مطروحة بقوة: هل يمكن الاعتماد على جودة مخرجاته؟ وهل سيُحدث اضطرابًا في القوى العاملة؟ وفي قطاعٍ يرى نفسه مسؤولًا عن خدمة الصالح العام، يصبح التعامل مع الذكاء الاصطناعي خطوة تتطلّب حذرًا شديدًا، وميزانًا يزن المكاسب مقابل المخاطر.

وبالنظر إلى الدور المتصاعد المتوقع للذكاء الاصطناعي في مستقبل العمل الخيري، بدأ فريق Candid بالبحث عن فرص لقياس موقف المنظمات غير الربحية من هذا التوسع. ففي “استطلاع توقعات المنح لعام 2024”  وهو الاستطلاع السنوي الموجّه للمؤسسات المانحة، طرحنا سؤالًا عن مدى تلقّي الممولين لطلبات منح مكتوبة بالذكاء الاصطناعي، وما إذا كانوا سيقبلون هذا النوع من الطلبات مستقبلًا.

ولمزيد من الفهم حول توجّه الممولين نحو استخدام الذكاء الاصطناعي بأنفسهم، تضمّن الاستطلاع الأخير سؤالين محوريين: هل تستخدم المؤسسات المانحة حاليًا الذكاء الاصطناعي التوليدي لفرز المتقدمين أو للمساعدة في اتخاذ قرارات التمويل؟ و هل تتوقع هذه المؤسسات الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للغرض نفسه خلال السنوات القريبة المقبلة؟

عند سؤال المؤسسات المانحة عمّا إذا كانت تستخدم حاليًا الذكاء الاصطناعي التوليدي لفرز طلبات المنح أو للمساعدة في تحديد الجهات المستحقة للتمويل، جاءت الإجابات قاطعة:
97٪ أجابوا بـ “لا”، و1٪ قالوا “نعم”، بينما 2٪ لم يكن لديهم علم واضح.

لكن الصورة تغيّرت حين طُرح السؤال بصيغة مستقبلية: هل تتوقعون استخدام الذكاء الاصطناعي لأداء هذه المهام خلال السنوات القريبة؟ هذه المرة، انخفضت نسبة الرافضين إلى 65٪ فقط، بينما:

19 ٪ قالوا إنهم يفكرون في الأمر،

3 ٪ يتوقعون بالفعل أن يستخدموه،

12 ٪ لم يحسموا موقفهم بعد.

وبذلك، تُظهر البيانات أن ثلث المؤسسات تقريبًا لم تُغلق الباب أمام إدماج الذكاء الاصطناعي في عمليات اتخاذ القرار الخاصة بالمنح خلال المستقبل القريب وهو تحوّل يعكس مزاجًا أكثر.

قد أتاحت الأسئلة الفرعية للمؤسسات المانحة إضافة تعليقات توضيحية، فجاءنا ستة تعليقات على السؤال الأول، واثنا عشر على الثاني، معظمها من مؤسسات لا تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي حاليًا لكنها تفكر جديًا في الأمر.

ومن بين كل المشاركات، وصل تعليق وحيد من مؤسسة تستخدم الذكاء الاصطناعي فعلًا، حيث قالت:

“نَستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تَلخيص طلبات المنح وتحليل الاتجاهات في سلوك المتقدمين وقراراتنا. ونستكشف مجالات أخرى يمكنه فيها تخفيف العبء الإداري.”

وفي المقابل، جاء صوتٌ مُعارض بشدة وهو التعليق الوحيد الذي أجاب صاحبه بـ “لا” على السؤالين معًا قال فيه:

“استخدام الذكاء الاصطناعي لفرز المتقدمين أو اتخاذ قرارات منح التمويل أمر مُشين وغير أخلاقي.”

وبين هذين الطرفين، ظهرت مجموعة من المؤسسات التي تدرس الذكاء الاصطناعي بحذر، مركّزة على تقييم مخَاطره ومجالات استخدامه الممكنة:

“رغم إدراكنا لفوائد الذكاء الاصطناعي، فإننا نتعامل بحذر مع أي استخدام داخلي بسبب آثاره البيئية. أما في عمليات المنح، فقد نستفيد من بعض إمكاناته، لكننا لن نسمح له مطلقًا باتخاذ القرار دون رقابة بشرية خبيرة.”

مؤسسات أخرى رأت أن الذكاء الاصطناعي مناسب للتعامل مع الجزء الموضوعي من طلبات المنح:

“مؤسستنا تستكشف استخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم الجوانب الموضوعية من الطلبات.”

بينما أشارت مؤسسة صغيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يكون وسيلة لتعويض محدودية الموارد البشرية:

“نحن مؤسسة صغيرة (أقل من 15 مليون دولار) وبأربعة موظفين فقط… نبحث دائمًا عن طرق لزيادة قدرتنا التشغيلية، وإذا كان الذكاء الاصطناعي يساعد، فقد نستخدمه.”

في المحصلة، يبدو أن دخول الذكاء الاصطناعي إلى عمل المؤسسات المانحة سيكون متدرجًا، متفاوتًا، ومجزأً: استخدام للأَدوات في مهام محددة، وامتناع عن أخرى. وبينما تُبدي بعض المؤسسات استعدادًا لاستخدامه في العمليات الفنية، تظل هناك شقوق واسعة من الشك والحرص خصوصًا فيما يتعلق بالمهام الأخلاقية المرتبطة بالقرار النهائي لمنح التمويل.

والخلاصة التي تكشفها التعليقات: الرشد والمسؤولية واللمسة البشرية ما زالت عناصر لا يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يحلّ محلها.

تكشف البيانات أن الذكاء الاصطناعي لن يغيب عن قطاع المنح، لكنه لن يحسم القرار وحده. لأنّ المؤسسات، رغم انفتاحها على الأدوات الجديدة، لا تزال ترى أن العدالة والمسؤولية وبناء الثقة تتطلب استمرار حضور الخبرة البشرية. المستقبل سيكون مزيجًا من التقنية والإنسان، بشرط أن تظل المبادئ هي الموجّه الأول.


مقال مُترجم بتصرّف عن candid

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

scroll to top