المتبرعون بالعملات الرقمية: السمات والقيم والدوافع للجيل القادم من المحسنين

ع ع ع

تشهد المملكة العربية السعودية مرحلة دقيقة من التحول في مجال العملات الرقمية، حيث انتقل النقاش من مجرد متابعة عالمية إلى انخراط رسمي وقانوني مباشر. فقد أعلن البنك المركزي السعودي "ساما" في يونيو 2024 عن انضمامه كمشارك كامل إلى مشروع "إم بريدج" (mBridge) بقيادة بنك التسويات الدولية، وهو أول نظام تجريبي متقدم للمدفوعات عبر الحدود باستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية. هذه الخطوة تأتي امتدادًا لجهود المملكة ضمن مجموعة العشرين منذ 2020 لتعزيز البنى التحتية للمدفوعات العالمية، بما يجعلها أسرع وأرخص وأكثر شفافية وشمولًا.

هذا الانخراط الرسمي يعكس رؤية السعودية في تنظيم القطاع بدلًا من تجاهله، حيث يجري العمل على دراسة التحديات القانونية والفنية للمدفوعات الرقمية العابرة للحدود، بما يفتح الباب لتسويات تجارية مستقبلية أكثر كفاءة، حتى في مجالات حيوية مثل صادرات النفط والغاز.

في الوقت نفسه، لا تقتصر الحركية على الجانب المؤسسي؛ فالسوق المحلي يشهد اهتمامًا متناميًا من الشباب السعودي بالعملات المشفرة (مثل بيتكوين وإيثريوم)، وهو ما أكده قادة منصات عالمية مثل باينانس، الذين يرون المملكة واحدة من أهم الأسواق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هذا التوجه يعزز الحاجة إلى بناء إطار تنظيمي متكامل يحمي المستثمرين، ويمكّن المؤسسات المالية، ويتيح فرصًا جديدة للابتكار في الاقتصاد الرقمي.

وبذلك، يمكن القول إن العملات الرقمية في السعودية قادمة لا محالة، سواء من خلال عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC) يجري اختبارها حاليًا، أو من خلال تنظيم واعٍ للعملات المشفرة المتداولة عالميًا. وهذا يضع القطاع غير الربحي السعودي أمام فرصة تاريخية لاستيعاب "المتبرع الرقمي" والانفتاح على جيل جديد من العطاء يتجاوز الحدود التقليدية للنقد والعملات الورقية


تقرير "التعرّف على المتبرعين بالعملات الرقمية: السمات والقيم والدوافع للجيل القادم من المحسنين" هو إصدار معرفي متخصص من مؤسسة The Giving Block (thegivingblock.com)، الجهة الرائدة عالميًا في تمكين المنظمات غير الربحية من جمع التبرعات عبر العملات الرقمية.

بحسب الفهرس، يتناول التقرير محاور رئيسية تبدأ من:

  • المقدمة وما يميز المتبرعين الرقميين عن غيرهم.

  • أسباب استثمار الأفراد في العملات الرقمية.

  • اتجاهات ورؤى استخدام العملات الرقمية على مستوى العالم.

  • ملامح المتبرع الرقمي: شاب، ثري، وسخي.

  • شخصيات المتبرعين: المبشّرون بالعملة الرقمية المشفرة (Crypto Evangelists) والمستثمرون المتفائلون (Optimistic Investors).

  • توقيتات العطاء وأهمية موسم نهاية العام.

  • الخلاصات الأساسية التي تلخص السمات والفرص.

  • خطوات عملية لتخطيط حملات جمع التبرعات القادمة.

ويُختتم التقرير بتوضيح رسالة The Giving Block في جعل العملات الرقمية قوة خير مؤثرة، مع توفير موارد معرفية إضافية عبر مدونتها (The Giving Blog) تشمل الأدلة، ودراسات الحالة، وأحدث اتجاهات العطاء الرقمي.


فهم قوة العطاء بالعملات الرقمية

في عام 2018، أدرك الفريق القائم على The Giving Block فرصة جديدة ومهمة للعمل الخيري: العملات الرقمية. ورغم أن تبنّي المنظمات غير الربحية استغرق بعض الوقت، إلا أن الجهات التي بادرت إلى ذلك اكتشفت بسرعة مجتمعًا متحمسًا من حاملي العملات الرقمية، لدعم رسالتها.

وبالانتقال إلى عام 2025، أصبح الأثر لا يُمكن إنكاره؛ إذ تم عالميًا التبرع بما يقارب ملياري دولار من العملات الرقمية مثل بيتكوين وإيثيريوم لآلاف القضايا المستحقة. هذا الصعود لما يُعرف بـ العطاء بالعملات الرقمية (Crypto Philanthropy) لم يمر مرور الكرام، فقد تناولته وسائل إعلام كبرى مثل نيويورك تايمز وفوربس ووول ستريت جورنال، مؤكدة أهميته المتنامية.

ومع ذلك، وبرغم وضوح الاتجاه، ما زالت هناك حاجة إلى فهم أعمق للأفراد الذين يقفون وراء هذا السخاء: المتبرعون بالعملات الرقمية أنفسهم.

هذا التقرير صُمّم خصيصًا للمنظمات غير الربحية مثلكم، حيث يقدّم بيانات ورؤى قيّمة حول:

  • من هم هؤلاء المتبرعون.

  • ما الذي يحفّز عطاءهم.

  • وما هي أكثر الطرق فعالية للتواصل معهم.


افتح آفاقًا جديدة لجمع التبرعات مع المتبرعين بالعملات الرقمية

لست بحاجة إلى أن تكون خبيرًا في العملات الرقمية لتنجح في الاستفادة من هذا الرأسمال الخيري المتنامي. فمن خلال فهم ما يحفّز المتبرعين بالعملات الرقمية، يمكن لمنظمتك غير الربحية أن تعزّز جهودها في جمع التبرعات بشكل ملحوظ.

هؤلاء المتبرعون يمثلون موجة جديدة من المحسنين العصريين؛ إذ تُظهر البيانات أنهم عادةً أكثر ثراءً، أصغر سنًا، وأكثر ميلًا للعطاء بسخاء مقارنة بالمتبرعين التقليديين بالنقد. لكن، إلى جانب هذه السمات العامة، من الضروري أن تفهم المنظمات القيم الجوهرية والدوافع الحقيقية وراء عطاء هؤلاء المتبرعين. هذا التقرير سيساعدك على فهم «لماذا» يتبرعون، مما يمكّنك من بناء روابط أقوى وتحقيق نجاح أكبر في جمع التبرعات.

يستعرض هذا التقرير:

  • لماذا يستثمر مستخدمو العملات الرقمية فيها.

  • الاتجاهات العالمية بين القاعدة المتنامية لمستخدمي العملات المشفرة.

  • صورة تقريبية عن «المتبرع الرقمي» المتوسط.

  • تحليل متعمّق لشخصيتين أساسيتين: المبشّرون بالكريبتو والمستثمرون المتفائلون.

  • الأنماط الزمنية التي يظهر فيها المتبرعون الرقميون.

المتبرعون بالعملات الرقمية أكثر تنوعًا وتعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا. وفهم قيمهم بشكل أفضل يمكن أن يساعد المنظمات غير الربحية على تحسين حملاتها المستقبلية لجمع التبرعات عبر العملات الرقمية.


لماذا يستثمر الناس في العملات الرقمية

اعتبارًا من عام 2025، يمتلك حوالي 28% من البالغين الأميركيين — أي ما يقارب 65 مليون شخص — عملات رقمية.
وعلى الصعيد العالمي، يمتلك نحو 659 مليون شخص عملات رقمية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 13% عن العام السابق.

أكثر الدوافع شيوعًا للاستثمار في العملات الرقمية:

  • تنويع الأصول بجانب الأصول التقليدية (مثل الأسهم).

  • التحوّط ضد التضخم في العملات المدعومة من الحكومات.

  • معاملات مالية دولية أسرع وأقل تكلفة.

  • مستوى أعلى من الخصوصية في المعاملات المالية.

  • تعزيز ملكية الأصول (خصوصًا في الدول التي تكون فيها حقوق الملكية محدودة).


بالنسبة للمنظمات غير الربحية:
تمثل قاعدة مستخدمي العملات الرقمية القائمة حاليًا السوق المستهدفة لحملات جمع التبرعات بالعملات الرقمية، والتي تقدر بـ: 659 مليون مستخدم للعملات الرقمية حول العالم.


يوضّح الرسم البياني النمو المستمر في أعداد مالكي العملات الرقمية حول العالم خلال عام 2024، حيث ارتفع العدد من 583 مليون مستخدم في يناير ليصل إلى 659 مليون مستخدم في ديسمبر، أي بزيادة قدرها 13% خلال عام واحد فقط. ويبيّن هذا الاتجاه أن تبنّي العملات الرقمية لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل مسار تصاعدي متواصل يعكس اتساع قاعدة المستثمرين والمتعاملين، وهو ما يفتح للمنظمات غير الربحية سوقًا متنامية من المتبرعين المحتملين.


اتجاهات ورؤى مستخدمي العملات الرقمية

تُظهر الدراسات العالمية الحديثة نموًا كبيرًا في تبنّي العملات الرقمية:

  • من المتوقع أن يصل عدد مستخدمي العملات الرقمية إلى مليار مستخدم بحلول عام 2030، وفقًا لتقرير صادر عن Boston Consulting Group (BCG).

  • 28% من الأميركيين استثمروا أو تداولوا أو استخدموا العملات الرقمية.

  • 83% من مليونيرات جيل الألفية يمتلكون عملات رقمية، وأكثر من نصفهم يضع ما لا يقل عن 50% من محفظته الاستثمارية في أصول رقمية.

  • يشكّل الرجال الأغلبية بين المستثمرين في العملات الرقمية، بنسبة تتراوح بين 61% و69%.

  • النساء يدخلن المجال بشكل متزايد، إذ تمثل النساء 33% من مالكي العملات الرقمية في الولايات المتحدة.

  • يُتوقع أن يصل عدد مستخدمي العملات الرقمية عالميًا إلى 861 مليون مستخدم في 2025.


بالنسبة للمنظمات غير الربحية التي تقبل التبرعات بالعملات الرقمية:
تشكل قاعدة مستخدمي العملات الرقمية الحالية — البالغ عددها 659 مليون شخص — السوق الكاملة الممكن استهدافها في حملات جمع التبرعات الرقمية. ورغم وضوح ذلك، من المهم أن يركز العاملون في جمع التبرعات جهودهم على المستخدمين الحاليين للعملات الرقمية، وليس فقط على من يُبدون اهتمامًا بشرائها مستقبلًا.

باختصار: امتلاك عملة رقمية شرط أساسي للتبرع بها. فبينما قد يدعم بعض المتبرعين التقليديين جهودك لجذب متبرعين جدد من عالم العملات الرقمية المشفرة، من غير المرجح أن يقوموا بشراء عملات رقمية خصيصًا من أجل التبرع بها لمنظمتك.
وسيستعرض التقرير في قسم لاحق الشرائح الفرعية من مستخدمي العملات الرقمية الأكثر احتمالًا للتبرع بأصولهم الرقمية.


يعرض هذا الرسم معدلات تبنّي العملات الرقمية في الولايات المتحدة بحسب الفئات العِرقية، ويبيّن وجود تباين واضح في نسب الاستخدام: حيث يتصدر البالغون من أصول آسيوية النسبة الأعلى بـ 23%، يليهم ذوو الأصول اللاتينية (Hispanic) بنسبة 21%، ثم البالغون من أصول أفريقية (Black) بنسبة 18%، بينما تأتي النسبة الأقل بين البالغين من ذوي الأصول البيضاء بـ 13% فقط.
هذا التوزيع يشير إلى أن الاهتمام بالعملات الرقمية ليس متساويًا عبر مختلف المجموعات السكانية، بل يتأثر بعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية، ويؤكد أن قاعدة مستخدمي الكريبتو في الولايات المتحدة أكثر تنوعًا مما قد يُعتقد. كما يوضح النص المرافق أن الغالبية العظمى من البالغين الأميركيين قد سمعوا على الأقل عن العملات الرقمية مثل البيتكوين أو الإيثيريوم، ما يعكس درجة انتشار معرفي عالية حتى لو لم يتحول جميع الأفراد إلى مستخدمين فعليين.


شاب، ثري، سخي: تعرّف على المتبرع الرقمي

أصبح المتبرعون بالعملات الرقمية مصدرًا متزايد الأهمية لجهود جمع التبرعات:

  • بحلول نهاية عام 2024، عالجت The Giving Block أكثر من 200 مليون دولار من التبرعات بالعملات الرقمية.

  • بلغ متوسط التبرع الرقمي 10,978 دولارًا، بزيادة نسبتها 386% مقارنة بالعام السابق.

  • جاءت المنظمات العاملة في التعليم، الصحة والطب، الطفولة والشباب، ورعاية الحيوانات في مقدمة الجهات المستفيدة من تبرعات المتبرعين الرقميين خلال عام 2024.


يوضح الرسم أن المتبرعين بالعملات الرقمية أصغر سنًا بكثير من المتبرعين التقليديين. فمتوسط عمر المتبرع الرقمي يبلغ 38 عامًا (ينتمي إلى جيل الألفية الأكبر سنًا)، بينما يبلغ متوسط عمر المتبرع التقليدي 65 عامًا. هذه الفجوة العمرية الكبيرة تعكس دخول جيل جديد من المتبرعين أكثر شبابًا وحيوية إلى ساحة العمل الخيري عبر العملات الرقمية.


يميل المتبرعون بالعملات الرقمية إلى أن يكونوا:

  • أصغر سنًا: بمتوسط عمر يقارب 38 عامًا (مقابل 65 عامًا للمتبرع التقليدي).

  • أكثر ثراءً: يبلغ متوسط الدخل السنوي لمستخدمي العملات الرقمية في الولايات المتحدة حوالي 100,000 دولار.

  • أكثر سخاءً: نحو 45% من مستخدمي العملات الرقمية من المرجح أن يتبرعوا بـ 1,000 دولار أو أكثر سنويًا (مقابل 33% من المستثمرين التقليديين).

يجمع المتبرعون بالعملات الرقمية بين أفضل سمات المتبرعين الشباب (أفق زمني طويل للعطاء) والمتبرعين ذوي الثروات العالية (قدرة على تقديم هبات كبيرة).


يوضح الرسم أن متوسط دخل مستخدم العملات الرقمية في الولايات المتحدة يبلغ 110,000 دولار سنويًا، وهو أعلى بنسبة 38% من متوسط الدخل الوطني لعام 2020 البالغ 67,500 دولار. وهذا يؤكد أن قاعدة المتبرعين الرقميين ليست فقط أصغر سنًا، بل أيضًا أكثر قدرة مالية على دعم القضايا الخيرية.


سخيّون للغاية

أظهرت دراسة أجرتها Fidelity Charitable أن 45% من مستخدمي العملات الرقمية من المرجح أن يتبرعوا بما لا يقل عن 1,000 دولار سنويًا للأعمال الخيرية. وبالمقارنة، فإن 33% فقط من المستثمرين التقليديين ذكروا أنهم يتبرعون بمبلغ مماثل أو أكثر سنويًا.

بصورة عامة، يتمتع المتبرع بالعملات الرقمية ببعض من أكثر السمات المرغوبة التي نجدها عادةً لدى متبرعي جيل الألفية الشباب وكذلك الأفراد ذوي الثروات العالية. فهم يعيشون ظروفًا مالية أفضل من المتوسط، ويمنحون بسخاء، ولديهم سنوات طويلة أمامهم للاستمرار في العطاء الخيري.


يبين الرسم المقارنة بين سخاء مستخدمي العملات الرقمية والمستثمرين التقليديين؛ حيث أن 45% من مستخدمي العملات الرقمية يتبرعون بما لا يقل عن 1,000 دولار سنويًا، في حين لا تتجاوز النسبة 33% بين المستثمرين التقليديين. هذا يعكس بوضوح أن المتبرعين الرقميين أكثر استعدادًا لدعم القضايا الخيرية بمبالغ أكبر


شخصيات المتبرعين بالعملات الرقمية

بعد أن رسمنا صورة عامة عن المتبرع الرقمي النموذجي، حان الوقت لنلقي نظرة أقرب على الدوافع التي تلهم الأفراد للتبرع بالعملات الرقمية للمنظمات الخيرية.

ينبغي على جامعي التبرعات في المنظمات غير الربحية التركيز على شخصيتين رئيسيتين من المستخدمين هم الأكثر احتمالًا للتبرع بالعملات الرقمية:

  1. المبشّرون بالكريبتو "العملات الرقمية المشفرة" (Crypto Evangelists):
    هؤلاء متحمسون لعالم العملات الرقمية وتقنية البلوكتشين وNFTs والويب 3، ويؤمنون بقدرتها على إحداث تأثير إيجابي في العالم. دوافعهم للتبرع تتمحور حول جذب مستخدمين جدد إلى منظومة الكريبتو، إضافة إلى رد الجميل بعد تحقيق مكاسب كبيرة في محافظهم الرقمية.

  2. المستثمرون المتفائلون (Optimistic Investors):
    هم مستثمرون ومتداولون دخلوا عالم الكريبتو أساسًا بدافع الربح المالي. دوافعهم للتبرع ترتبط غالبًا بتقليل فاتورتهم الضريبية السنوية. فالتبرع المباشر بالعملات الرقمية إلى الجمعيات الخيرية — بدلاً من بيعها وتحويلها إلى نقد — يُعد من الاستراتيجيات الشائعة لتقليل العبء الضريبي، خصوصًا مع نهاية السنة المالية.

سيغطي التقرير في الأقسام التالية تفاصيل أوسع حول هاتين الشخصيتين وكيفية مخاطبتهما بفعالية.

"لكل شخص هدف. سواء كان الهدف المشاركة في مستقبل التمويل أو مجرد «كسب المال»، فإن الأشخاص الذين ينخرطون في عالم العملات الرقمية موجّهون بالغايات لسبب أو لآخر."
— ماريا فوروفيتش، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية في GoodQues


المبشّرون بالكريبتو "العملات الرقمية المشفرة" (Crypto Evangelists)

"نحن نؤمن حقًا أن الوصول إلى التمويل والاستقرار المالي لا ينبغي أن يعتمد على موقعك الحالي، أو أصلك، أو دينك، أو عِرقك."
— فيتاليك بوترين، المؤسس المشارك للإيثيريوم

المبشّرون بالكريبتو (العملات الرقمية المشفرة) هم أشخاص يؤمنون بقدرة العملات الرقمية كتقنية ناشئة على تحسين النظام المالي الحالي. إنهم من النوع الذي يناقش مزايا الكريبتو في وسائل التواصل الاجتماعي، في الحفلات، على طاولة العشاء العائلية، وفي أي فرصة تسنح لهم. وقد يعمل كثير منهم في قطاع العملات الرقمية والبلوك تشين (كالمهندسين أو المتخصصين في الأعمال)، أو يشاركون بفاعلية في مشاريع الويب3 وNFT. هؤلاء أكثر اهتمامًا بالجوانب التقنية والفكرية لتطورات القطاع، ويميلون لقراءة وتحليل الأوراق البيضاء للمشاريع الجديدة أكثر من متابعة الأسعار في المنصات.

السمات الرئيسية

  • مستخدمون منذ فترة طويلة: ليسوا مجرد فضوليين، بل مستثمرون ومتداولون نشطون منذ سنوات. كثير منهم أكبر سنًا من فئة "المستثمرين المتفائلين"، وبعضهم منخرط في حركة Cypherpunk منذ الثمانينيات، التي مهّدت لابتكار البيتكوين والعملات الحديثة.

  • متعطشون للتعلّم: يتابعون التطورات الجديدة باستمرار، ويتناقشون حولها حضوريًا أو عبر المنصات الرقمية.

  • أصحاب إرادة حرّة: يجسدون روح الاستقلالية التي تميّز فلسفة الكريبتو مقابل النظام المالي التقليدي، ويعتبرون أنفسهم من الرواد والمخاطرين في المجتمع الرقمي.

  • بحث عن التقدير: كثير منهم يبحث عن اعتراف من الأقران وأصوات القادة الفكريين في هذا المجال، كما أنهم من أوائل مستخدمي المشاريع الجديدة.

أين يمكن العثور عليهم؟

المبشّرون بالكريبتو نشطون جدًا في المجتمع الرقمي:

  • يتابعون مواقع الأخبار والمدونات والمنشورات المتخصصة.

  • يصغون لآراء قادة الفكر والمديرين التنفيذيين عبر تويتر.

  • يشاركون في مجتمعات تليغرام ومنصات مشابهة.

  • غالبًا ما يكونون من المستخدمين الأوائل للمشاريع الناشئة.

لماذا يتبرعون بالكريبتو؟

  1. تشجيع التبني العام للكريبتو:
    يؤمنون أن الكريبتو يمكن أن يحل أو يحسّن كثيرًا من تحديات البشرية. لذا، فإن دعم الاستخدامات الإيجابية — مثل التبرع الخيري — ليس مجرد عمل نافع، بل أيضًا وسيلة لتوسيع قاعدة التبنّي للمجتمع. نجاح التبرع بالكريبتو يعزز مكانة التقنية، ويدفع مزيدًا من المنظمات والأفراد إلى التعامل بها.

  2. عقلية "ردّ الجميل":
    كثير منهم حققوا مكاسب ضخمة بفضل الاستثمار المبكر، فيبحثون عن قنوات لإعادة العطاء. على سبيل المثال: شخص اشترى 5 عملات بيتكوين عام 2012 بسعر 13 دولارًا للوحدة، باتت قيمتها نحو 520 ألف دولار في يونيو 2025 (وقد وصلت إلى 560 ألف دولار في الذروة الأخيرة مايو 2025). هذه المكاسب تجعلهم ينظرون للتبرع كطريقة لرد الجميل وتعزيز استمرارية نمو المنظومة.

الخلاصة:
المبشّرون بالكريبتو يتبرعون بدافع الإيمان برسالة التكنولوجيا ورغبة في توسيع نطاقها، إلى جانب شعور قوي بالمسؤولية لإعادة توزيع مكاسبهم على قضايا خيرية. إنهم شريحة شغوفة، مثقفة، ومؤثرة في موجة العطاء الرقمي العالمي.


المستثمرون المتفائلون (Optimistic Investors)

"أطروحتنا الأساسية حول البيتكوين هي أنه أفضل من الذهب."
— تايلر وينكلفوس، المؤسس المشارك لشركة Gemini

المقابل لشخصية "المبشّر بالكريبتو" هو المستثمر المتفائل. ينظر هؤلاء إلى إمكانات العملات الرقمية من منظور تحقيق المكاسب المالية. فهم مهتمون أساسًا بتوليد عوائد عالية من استثماراتهم الرقمية. بعضهم كانوا مستثمرين تقليديين أو ما زالوا كذلك، لكنهم انتقلوا إلى الكريبتو بهدف التفوق على الأسواق التقليدية. وغالبًا ما يكونون أصغر سنًا من المبشّرين بالكريبتو وأقل اكتراثًا بالجوانب الفكرية أو المفاهيمية للعملات الرقمية.

السمات الرئيسية

  • لا يريدون تفويت الفرص:
    يرون في الاستثمار والتداول بالعملات الرقمية فرصة ذهبية لتحقيق أرباح كبيرة، مستلهمين قصص من حققوا الملايين أو تقاعدوا في سن مبكرة بفضل الكريبتو.

  • تنويع وربح:
    غير راضين عن العوائد من الاستثمارات التقليدية مثل مؤشر S&P 500، فيعتبرون الكريبتو استراتيجية بديلة لتنويع المحافظ وتجاوز أداء الأسواق.

  • الاعتماد على البحث الشخصي:
    لا يتبعون السرديات السائدة بشكل أعمى، بل يبحثون ويدرسون لاكتشاف «الفرصة القادمة» أو المعلومة التي تمنحهم ميزة تنافسية.

أين يمكن العثور عليهم؟

يتابع المستثمرون المتفائلون المصادر الموثوقة والمتداولين الناجحين، سواء عبر البودكاست أو المدونات أو المواقع الإخبارية أو وسائل التواصل مثل تويتر ورديت. كما قد يشتركون في نشرات استثمارية (مدفوعة أو مجانية) وينضمون إلى مجموعات على تليغرام وديسكورد.

لماذا يتبرعون بالعملات الرقمية؟

الضرائب:
الدافع الأساسي لهؤلاء هو الاستفادة من التوفير الضريبي. فالتبرع بالعملات الرقمية يُعد وسيلة فعّالة ضريبيًا للعطاء، ويمكن أن يقلل بشكل كبير من الفاتورة الضريبية السنوية.

  • وفق القوانين الأميركية (IRS) وعدة هيئات ضريبية أخرى، فإن التبرع بالعملات الرقمية لا يُعتبر حدثًا خاضعًا للضريبة، أي لا يُسجّل ربح أو خسارة عند التبرع.

  • قد يحصل المتبرع على خصم خيري إضافي، مما يزيد من مكاسبه الضريبية.

  • بما أن معدل ضريبة أرباح رأس المال قد يتجاوز 30%، فإن التبرع بالكريبتو يمنح فرصة لتوفير أكبر بكثير من التبرع النقدي.

  • بالنسبة للمنظمات غير الربحية، فإن هذه الميزة تعني أن المتبرعين قد يمنحون مبالغ أكبر مما لو اضطروا إلى بيع العملة ثم التبرع نقدًا.

استراتيجيات إضافية:

  • في الأسواق الهابطة (Bear Markets)، حيث تكون بعض العملات قد فقدت قيمتها، قد يلجأ هؤلاء إلى حصاد الخسائر الضريبية (Tax-loss harvesting)، أي بيع الأصول المتراجعة لتقليل العبء الضريبي الكلي.

  • غالبًا ما يقومون بإعادة هيكلة محافظهم في نهاية السنة، ما يجعل الربع الرابع ذروة نشاطهم في التبرعات.

الخلاصة:
يرى المستثمرون المتفائلون أن التبرع بالكريبتو (العملات الرقمية المشفرة) وسيلة عملية لتحقيق هدفين: تخفيف العبء الضريبي وتعزيز استراتيجياتهم المالية. لذلك ينجذبون أكثر إلى المنظمات التي تقبل التبرعات الرقمية مباشرة، مما يتيح لهم الاستفادة من هذه المزايا بأقصى قدر ممكن.

ما الذي يدفع المتبرعين بالعملات الرقمية للعطاء؟

لكل متبرع بالعملات الرقمية قضية خيرية تنسجم مع قيمه، لكن قبل أن يصل إلى اختيار المنظمة التي سيدعمها، فإن قرار التبرع بالعملات الرقمية بحد ذاته هو الخطوة الأولى في الرحلة.

يوضح الرسم المرفق الفروق بين شخصيتي المتبرعين الرئيسيتين:

  • المبشّر بالكريبتو "العملات الرقمية المشفرة" (Crypto Evangelist):

    • الحافز الضريبي: متوسط.

    • الرغبة في "رد الجميل": مرتفعة.

    • تعزيز التبنّي المجتمعي للكريبتو: مرتفعة.

  • المستثمر المتفائل (Optimistic Investor):

    • الحافز الضريبي: مرتفع.

    • الرغبة في "رد الجميل": منخفضة.

    • تعزيز التبنّي المجتمعي للكريبتو: متوسطة.

هذا يعني أن المبشّرين بالكريبتو (العملات الرقمية المشفرة) يتبرعون بدافع أيديولوجي ورسالي، في حين أن المستثمرين المتفائلين ينظرون إلى التبرع كأداة عملية لتعظيم مكاسبهم المالية وخفض التكاليف الضريبية.


متى يتبرع المتبرعون بالعملات الرقمية؟

يتبرع المتبرعون بالعملات الرقمية على مدار العام، لكن نشاط التبرعات يرتفع بشكل ملحوظ في نهاية السنة بسبب الاعتبارات الضريبية.

  • في عام 2024، شكّلت تبرعات شهر ديسمبر وحده 25% من إجمالي حجم التبرعات الرقمية التي عالجتها The Giving Block.

  • حملات مثل "Crypto Giving Tuesday" وغيرها من المبادرات الموسمية في نهاية العام ترفع مستوى الوعي والمشاركة.

  • ومن الملاحظ أن الفضاءات الرقمية مثل منصة X (تويتر سابقًا) وغيرها من القنوات الاجتماعية تتحول إلى ساحات نشطة للعطاء الرقمي خلال موسم التبرعات السنوي.

"بالنسبة للمنظمات غير الربحية، يُعد مستخدمو العملات الرقمية المشفرة (الكريبتو) من أكثر شرائح المتبرعين إثارة للاهتمام. أما بالنسبة لمستخدمي الكريبتو، فإن التبرع بالعملات الرقمية للمنظمات الخيرية يُعتبر من أفضل الوسائل لتقليل الالتزامات الضريبية. لكنهم لم يكن لديهم لحظة مخصصة للالتقاء معًا، ولهذا بدأنا حملة Bag Season."
— بات دافي، المؤسس المشارك لـ The Giving Block


أبرز الخلاصات

تقليديًا، لا يفكر المتبرعون للمنظمات غير الربحية كثيرًا في نوع العملة التي يتبرعون بها، إذ يقدمون ببساطة ما لديهم من عملات نقدية رسمية في حساباتهم البنكية. أما المتبرعون بالعملات الرقمية فلديهم خيارات أكثر تعقيدًا؛ فغالبًا ما يمتلكون نقدًا إلى جانب أصول رقمية، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل يتبرعون بالنقد أم بالكريبتو؟ ولماذا يختارون ذلك؟

عند دراسة منظور المتبرعين بالعملات الرقمية، ينبغي على المنظمات أن تضع في الاعتبار هذه الرؤى:

  • يستخدم الناس العملات الرقمية المشفرة (الكريبتو) لأسباب متنوعة: اقتصادية، فلسفية، وعملية.

  • هناك أكثر من 659 مليون مستخدم للعملات الرقمية حول العالم يمثلون قاعدة محتملة للمتبرعين.

  • المتبرع الرقمي في المتوسط شاب، ميسور، وشغوف بالعطاء.

  • قاعدة المستخدمين الرقميين تشهد تنوعًا متسارعًا.

  • المبشّرون بالكريبتو (العملات الرقمية المشفرة) يتبرعون لتعزيز التبني المجتمعي وردّ الجميل.

  • المستثمرون المتفائلون يتبرعون بالأساس للاستفادة من المزايا الضريبية.

  • العطاء الرقمي يتصاعد في الربع الرابع من السنة، لكنه فرصة متاحة طوال العام.

في الممارسة العملية، العطاء الرقمي يتجاوز مجرد الحصول على فائدة ضريبية؛ إنه وسيلة ذات مغزى لرد الجميل، وفي الوقت نفسه دعم الانتشار الأوسع للعملات الرقمية بين الناس.

"الوصول إلى فئة جديدة من المتبرعين، مثل متبرعي العملات الرقمية، يُعد أمرًا حاسمًا ومثيرًا للمنظمات غير الربحية التي تسعى إلى تنويع مصادر تمويلها وتجديد استراتيجياتها. إنه يفتح أبوابًا لأفراد قد لا ينخرطون عبر القنوات التقليدية، موفّرًا مسارات جديدة مثيرة للدعم."
— باجيت ستانكو، الشريك الرئيسي، Gemini Institutional


تخطيط حملتك القادمة لجمع التبرعات بالعملات الرقمية

  • ارجع إلى شخصيات المتبرعين عند صياغة أهداف ورسائل حملتك.

  • استطلع آراء داعميك — خصوصًا من جيل الألفية (Millennials) وجيل زد (Gen Z) — حول استخدامهم للعملات الرقمية واهتمامهم بها.

  • أبرز المزايا الضريبية عند التواصل مع المتبرعين ذوي الثروات العالية (HNW).

  • تابع باستمرار اتجاهات الكريبتو لتتمكن من التفاعل بفعالية مع هذه الشريحة من المتبرعين.

إن جمع التبرعات الناجح يقوم على بناء روابط تلهم الفعل. وفهم قاعدة المتبرعين الرقميين وتقسيمها إلى شرائح سيمكن منظمتك من التميز.

تشير الأبحاث في علم نفس العمل الخيري إلى أن حملات جمع التبرعات تكون أكثر فاعلية عندما تُصاغ النداءات بما يفعّل إحساس المتبرع بهويته. فالمبشّرون بالكريبتو "العملات الرقمية المشفرة" يختلفون في دوافعهم عن المستثمرين المتفائلين، وبالتالي فإن صياغة رسائل تربط قضيتك بالطريقة التي يرى بها كلٌّ من هذه الشرائح العالم سيكون استثمارًا ثمينًا للوقت والطاقة لفتح باب هذا المصدر الناشئ من السخاء في عالمنا.

تيم سارانتونيو
مدير العلامة التجارية المؤسسية – Neon One



  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

scroll to top