سلوك المتبرع السعودي

ع ع ع

هذه الدراسة تسهم في بناء مرجعية نظرية لدراسة سلوك المتبرع بالمال، كما تسهم في تأسيس رؤية علمية للدراسات المتخصصة في هذا المجال، وتصف واقع سلوك المتبرع السعودي بالمال، في ضوء النماذج العلمية المفسرة لسلوك الإنسان، لتمكين الجمعيات الخيرية من تطوير آلياتها التسويقية، بالإضافة إلى استخلاص توصيات علمية تنهض بالعمل الخيري في المملكة.

مقدمة الدراسة:
تنطلق هذه الدراسة من حقائق رئيسة، منها؛ أن سلوك التبرع متغير يتأثر بمتغيرات متعددة ومجالات متنوعة، وأن نوع التبرع مرتبط بسمات المتبرع، وبالأسباب التي تدفعه للتبرع، وأن ثمّة علامات ومواقف وظروف محفزة لسلوك التبرع على مستوى الأفراد والجماعات.

 وقد انبثقت فكرة الدراسة لتكون لبنة في البنية العلمية اللازمة لبناء نموذج يمكن الجهات الخيرية من فهم سلوك التبرع بالمال لدى المتبرعين.

 تؤكد كافة التوجهات الحديثة في التسويق أن فهم الإنسان الذي يتم التعامل معه، من خلال معلومات تفصيلية عنه، هو العامل الأهم في نجاح عمليات الاتصال التي تتم بينه وبين المنظمات، حيث إن التسويق الخيري ليس مجرد عملية إدارية بقدر ما هو عملية اتصالية في جوهرها؛ قائمة على توفير البيانات عن أفراد المجتمع، ومن ثمّ تحويل هذه البيانات إلى معلومات تفصيلية، ثم إلى برامج اتصالية، وتكون العملية الإدارية استجابة طبيعية لذلك، ومنسجمة معه.

والمتبرع هو نقطة البداية والنهاية في النشاط الخيري، ومن ثم فإن المنظمات الخيرية مطالبة بتخطيط وتنظيم عمليات الحصول على المعلومات التفصيلية عنه بشكل مستمر وعميق، لتتمكن من ابتكار المنتجات الخيرية التي تلبي احتياجاته ورغباته، خاصة وأن التبرع لا يحدث فيه التبادل الحسي أو شبه الحسي الذي يمكن أن يحدث في خدمات اجتماعية أخرى.

 وللحديث أكثر عن الدارسة فإن التساؤلات فيها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول الأسئلة النظرية وهي كالآتي:
أ‌- ما أهمية دراسة سلوك المتبرع في المجتمع؟
ب‌- ما النماذج النظرية التي يمكن أن تسهم في تفسير سلوك المتبرع؟
ج- ما مراحل اتخاذ قرار التبرع؟
د- ما العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ قرار التبرع؟

 أما القسم الثاني منها فهو الأسئلة الميدانية وهي كالآتي:
أ‌- ما دوافع سلوك المتبرعين السعوديين؟
ب‌- ما المجالات الخيرية التي تحظى بتبرعات السعوديين؟
ج- ما مراحل اتخاذ قرار التبرع لدى السعوديين؟
د- ما أوقات أو مواسم التبرع لدى السعوديين؟
هـ- ما تأثير العوامل السكّانية على سلوك المتبرع لدى السعوديين؟
و- ما تأثير الجهود الاتصالية التسويقية للجمعيات الخيرية على سلوك التبرع لدى السعوديين؟
ز- ما المعايير الاجتماعية المؤثرة في سلوك التبرع لدى السعوديين؟
ح- ما المعايير الثقافية المؤثرة في سلوك التبرع لدى السعوديين؟
ط- ما المعايير الأخلاقية المؤثرة في سلوك التبرع لدى السعوديين؟

جوانب الدراسة:
 وفي هذه الدراسة تمت مراجعة دراسة "بكرز" و "بالما" وهي من الدراسات الدولية التي بنيت على رؤية العمل الخيري من زوايا متعددة المجالات، حيث تم ضبط العرض والمناقشات التالية وفق معطيات تلك الدراسة، على النحو الآتي:

الجانب الأول فيها هو الربط بين التبرع وبعض السمات الشخصية:
وقد وجد أن التبرع يرتبط إيجاباً بسمة الانبساطية ومن المتغيرات المؤثرة في سلوك التبرع التي انتهت إليها الدراسات السابقة الذاكرة وهي مستند رئيس تقف عليه العمليات النفسية المتصلة بسلوك التبرع، كذلك صورة الذات حيث ترتبط جهود الفرد في تحسين صورة الذات لديه بالتبرع وفقاً للمعايير الاجتماعية، فالأفراد الذين يخالفون المعايير الاجتماعية يميلون لتقديم التبرع النقدي لتعويض مخالفتهم. كما للتوجهات الأخلاقية وقيم المتبرع التي تمنحه شعور الانتماء أهمية كبيرة في مجال التبرع النقدي، وبالأخص في المجتمعات المتنوعة عقائدياً أو أخلاقياً كما في المدن الكبرى حيث لا يحصل المحتاج على حاجته، بسبب امتناع بعض الفئات السائدة عن التبرع لنوع معين من الخدمات الخيرية بدوافع غير أخلاقية.

في الجانب الثاني هناك العوامل الديموغرافية المؤثرة في التبرع :
وأهمها الدين وهناك حاجة ماسة  للقطاع الخيري في المملكة إلى بناء نماذج إحصائية محلية للتنبؤ بسلوك التبرع في السياقات المختلفة (الدينية والاجتماعية والصحية والتعليمية) وتطوير تلك النماذج باستمرار وتسهيل استفادة الجهات الخيرية منها،  كذلك التعليم إذ وجد أن هناك علاقة ايجابية بين التعليم والعمل الخيري، التعليم الأعلى ارتبط إيجابا بمعدل التبرع بالنسبة إلى الدخل، ولم تظهر علاقة بين التعليم والتبرع الديني.

ومن العوامل المؤثرة أيضا الدخل و تتفق الدراسات على التأثير الإيجابي للدخل المرتفع على سلوك التبرع،  كذلك امتلاك منزل حيث ارتبط امتلاك منزل بالعطاء إنما بشكل غير مطرد،  و المستوى الاقتصادي المدرَك يسهم في زيادة مقدار التبرع، ومن العوامل أيضا العمر: وقد وجد الباحثون أن  هناك علاقة إيجابية بين العمر ومقدار التبرع،  والجنسية و الحالة الاجتماعية: فقد وجد أن علاقة الزواج بالتبرع  لها ايجابية في العديد من البحوث، وفي دراسات أخرى وجد أن وجود شريك للفرد في المنزل يرتبط بالتبرع  وأيضا من لديهم أطفال وتؤثر أيضا العلاقة بقوة العمل حيث  إنّ تبرع الموظفين أعلى من غير الموظفين، ووجدت دراسات أخرى أن المتقاعدين يتبرعون أكثر ممن هم على رأس العمل. وأيضا حجم مدينة الإقامة فتبين أن هناك علاقة سلبية بين مقدار التبرع وحجم مدينة الإقامة، فالمدن الصغير ترتبط بمقدار تبرع أقل وتؤثر أيضا الجوانب الوراثية وحالة المواطَنة فهناك دراسات  أثبتت أن المهاجرين أقل ميلاً للتبرع وإذا تبرعوا  فبقدرٍ قليل، ومن المؤثرات أيضاً الأنشطة الشبابية، والتطوع فمن  أسهم في الأنشطة الشبابية أميل للتبرع ممن لم يشارك فيها، كما وجد أن من هم في مهمة تطوعية أكثر تبرعاً من غيرهم ووجد أن تبرع الأشخاص يتأثر بما يتبرع به الآخرون في محيطهم، وهنا يتأثر التبرع بزيادة الوضع الاقتصادي  للحي ومدى التنوّع العرفي فيه، ويظهر أن ضعف إدراك الأفراد للحاجة إلى التبرع يسهم في نقص تبرعهم، كما يقل التبرع للجهات النفعية مع ازدياد عدد المتبرعين.

أما الجانب الثالث فيتحدث عن العلامات والمواقف والظروف المحفزة لسلوك التبرع:
وهناك خمسة عوامل تؤثر في عملية جمع التبرعات، هي: تخطيط جمع التبرعات، السمعة الحسنة للمنظمة، الاعتناء بالعاملين في جمع التبرعات، مشاركة المتطوعين بطرق مهنية في جمع التبرعات، استخدام الإنترنت في جمع التبرعات.

ويحدثنا الجانب الرابع عن سلوك التبرع وقضايا الإرهاب:
مما أثير حول القطاع الخيري في المملكة: التشتت وضعف تآزر الجهود.
وعليه فإنه يتوقع هنا أن تتسم صورة العمل الخيري في أذهان الناس بالعمومية وعدم الوضوح، ولهذا لا يستغرب أن تثور في ذهن المتبرعين المحتملين التساؤلات الكثيرة حول مصير تبرعاتهم، ويزداد الوضع صعوبة في ظل تكرار الأعمال الإرهابية داخل المملكة وخارجها، والتي تأتي باسم الدين وباسم الجهاد.

وهناك تأثير للاستقرار العاطفي والانبساطية على التبرع، فزيادة حجم التبرع للمؤسسات الخيرية يرتبط إيجاباً بسمة الانبساطية، ويقاس ذلك بمؤشرات منها؛ متوسط عدد مرات التبرع بالمال شهريا، وكانت نتائج الدراسة بينت أن التبرع مرة على الأقل شهرياً قد حصل على نسبة 47.4% أما مرتين شهرياً كانت النسبة 25.6% وثلاث مرات شهرياً 13.5% أما أربع مرات فأكثر كانت النسبة 13.5% وكانت نسبة 0% لا أتبرع مطلقاً.

وما نسبته 57.9%، من إجمالي عينة الدراسة يفضلون التبرع للمحتاجين مباشرة، وهي الفئة الأكبر في عينة الدراسة، في حين أن ما نسبته 10.8%، يفضلون التبرع إلى جهة خيرية محددة، وهي الفئة الأقل في مجتمع الدراسة.

وما نسبته 71.2% من السعوديين يفضلون توجيه تبرعاتهم إلى المحتاجين بشكل مباشر أو إلى أفراد مستقلين ينقلونها إلى المحتاجين مباشرة، وبالتالي فإن الذين يفضلون التبرع للجمعيات الخيرية حوالي 29%، وهي نتيجة طبيعية في ظل ارتفاع الدوافع الدينية للمتبرعين، وارتفاع المعايير الاجتماعية والروابط الأسرية والاجتماعية بين فئات المجتمع السعودي.

ترتيب أوقات ومواسم التبرع:
وقد قام الباحثان في هذه الدراسة بترتيب أوقات ومواسم التبرع المختلفة وفق درجة موافقة السعوديين عليها، وجاء الترتيب كما يلي:

- جاء في المرتبة الأولى (يزيد تبرعي في شهر رمضان)، بدرجة موافق جداً ومتوسط مقداره (4.35 من 5.00).
- وفي المرتبة الثانية جاءت العبارات (تبرعي مستمر لا يتأثر بالمواسم)، و(يزيد تبرعي عند تسلم الراتب الشهري) و(يزيد تبرعي في عشر ذي الحجة) من حيث موافقة أفراد عينة الدراسة عليها، بمتوسطات موافقة ما بين (3.80 - 4.09 من 5.00).
- وقد جاءت العبارات (أستجيب للحملات الإعلامية لجمع التبرعات)، و(أتبرع عند توفر مكاتب للجمعيات في الأماكن العامة) و(أتبرع عند زيارة المساجد التي بها مكاتب للجمعيات)، في المرتبة الثالثة من حيث موافقة أفراد عينة الدراسة عليها، بمتوسط موافقة ما بين (3.24 - 3.29 من 5.00).

وقد قام الباحثان أيضا بترتيب وسائل التبرع المختلفة حسب درجة موافقة أفراد عينة الدراسة عليها كما يلي:
1. جاءت العبارة (أفضل التبرع النقدي المباشر للجمعيات)، في المرتبة الأولى، بمتوسط موافقة مقداره (3.63 من 5.00).
2. و(التبرع عبر الصراف الآلي سهل بالنسبة لي)، في المرتبة الثانية، بمتوسط موافقة مقداره (3.06 من 5.00).
3. وجاء (التبرع عبر الفيزا والبطاقات الائتمانية سهل بالنسبة لي)، في المرتبة الثالثة، بمتوسط موافقة مقداره (2.94 من 5.00).
4. وجاءت عبارة (التبرع عبر إرسال رسالة SMS سهل بالنسبة لي)، في المرتبة الرابعة، بمتوسط موافقة مقداره (2.89 من 5.00).
5. وعبارة (التبرع عبر الموقع الإلكتروني لبنكي سهل بالنسبة لي)، في المرتبة الخامسة، بمتوسط موافقة مقداره (2.87 من 5.00).
6. وجاء (التبرع عبر الهاتف المصرفي سهل بالنسبة لي)، في المرتبة السادسة، بمتوسط موافقة مقداره (2.86 من 5.00).
7. وأخيرا جاء الاستقطاع الشهري بعبارة (لدي حاليا تبرع ثابت عبر الاستقطاع الشهري)، في المرتبة السابعة، بمتوسط موافقة مقداره (2.84 من 5.00).

دواع التبرع:
بينما كانت نتائج الدوافع وراء التبرع مقسمة بحسب متوسطات الموافقة عليها إلى مجموعتين رئيستين، وفق مقياس الدراسة:
فحملت المجموعة الأولى الدوافع المؤثرة بدرجة عالية جداً، وقد حصل دافع التبرع بالمال رغبة في الثواب من الله تعالى، في المرتبة الأولى بمتوسط موافقة مقداره (4.94 من 5.00). ثم دافع التبرع بالمال رغبة في تخفيف معاناة الآخرين، كان في المرتبة الثانية بمتوسط موافقة مقداره (4.72 من 5.00). ودافع التبرع بالمال رغبة في دفع البلاء والمرض والفقر عن المتبرع، حصل على المرتبة الثالثة بمتوسط موافقة مقداره (4.64 من 5.00) وأخيراً، دافع التبرع بالمال الشعور أن التبرع حق للمحتاجين، جاء في المرتبة الرابعة بمتوسط موافقة مقداره (4.43 من 5.00) أما المجموعة الثانية فجاءت بدرجة متوسطة، في دافع واحد هو التبرع بالمال أحيانا للتخلص من إلحاح طالب التبرع، بمتوسط موافقة مقداره (2.67 من 5.00).

وفي حديثنا عن المعايير المؤثرة في التبرع جاءت المعايير الاجتماعية في المرتبة الأولى، بمتوسط موافقة مقداره (3.82 من 5.00) ، حيث جاء مؤشر (تبرعي أمر سري بيني وبين الله، أجتهد في عدم إفشائه في مجتمعي)، في المرتبة الأولى من حيث موافقة أفراد عينة الدراسة عليه، بمتوسط عالٍ جداً مقداره (4.60 من 5.00).

أما المؤشرات الأخرى فجاء مؤشر (الذين يهمني رأيهم يشجعونني على التبرع)، في المرتبة الثانية بمتوسط عالٍ مقداره (3.92 من 5.00)، ومؤشر (التبرع مطلب اجتماعي وليس حرية شخصية)، في المرتبة الثالثة بمتوسط موافقة مقداره (3.59 من 5.00)، ومؤشر (التبرع بالمال محل استغراب بعض الفئات الاجتماعية المؤثرة)، في المرتبة الرابعة بمتوسط موافقة مقداره (3.18 من 5.00).

وجاءت المعايير الثقافية في المرتبة الثانية، بمتوسط موافقة مقداره (3.81 من 5.00)، حيث حل مؤشر (التبرع النقدي عادة حسنة في مجتمعنا)، في المرتبة الأولى من حيث موافقة أفراد عينة الدراسة عليه، بمتوسط موافقة مقداره (4.05 من 5.00)، وجاء مؤشر (يوجد مناشط ثقافية تعزز الرغبة في التبرع النقدي)، في المرتبة الثانية بمتوسط موافقة مقداره (3.56 من 5.00).

وجاءت معايير المسؤولية الأخلاقية في المرتبة الثالثة، بمتوسط موافقة مقداره (3.62 من 5.00)، واحتل مؤشر (كلما تقدم بي العمر أدركت أهمية تبرعي بالمال)، في المرتبة الأولى من حيث موافقة أفراد عينة الدراسة عليه، بمتوسط موافقة مقداره (4.15 من 5.00)، ومؤشر (لدي ثقة بقدرتي على التبرع مهما كان وضعي المالي)، في المرتبة الثانية بمتوسط موافقة مقداره (3.91 من 5.00)، أما مؤشر (من الواجب عليّ التحدث إلى أسرتي عن تبرعاتي)، في المرتبة الثالثة بمتوسط موافقة مقداره (2.79 من 5.00).

وقد خلصت الدراسة في إطارها النظري إلى مجموعة من النتائج أهمها:
أولاً: سلوك التبرع متغير يتداخل في التأثير عليه متغيرات متباينة، فمنها الديني كالمعتقدات والقيم، والنفسي كالاتجاهات ومستوى التدقيق، ومنها الاجتماعي كالقيم والأعراف والنظم الاجتماعية، ومنها الاقتصادي كالعرض والطلب، ومنها الاتصالي كالإعلانات وحملات التبرع ومشاهد التبرع في المسلسلات والأفلام.

ثانياً: عرضت الدراسة بعض النتائج العلمية التي توصلت إلى وجود تأثير للاستقرار العاطفي والانبساطية على التبرع، وأن التبرع يرتبط إيجاباً بسمة الانبساطية، وارتباط زيادة حجم التبرع للمؤسسات الخيرية الحديثة بدرجة الثقة الاجتماعية، وأهمية التفريق بين درجة اتجاه الفرد نحو العمل الخيري في سمتي السخاء والتعاطف.

ثالثاً: استعرضت الدراسة نتائج تؤكد أن الفرد الذي لديه معايير شخصية عالية يميل إلى التبرع والاستجابة للمعايير الدينية والاجتماعية التي تحث على التبرع، وأن المسؤولية الأخلاقية تعزز سلوك التبرع بين أعضاء الفئة الاجتماعية السائدة، وربما يمتنعون عن التبرع للفئات غير السائدة، وهي سمة تنتفي في المجتمع المسلم الذي يُعد الرابط الإيماني أقوى الروابط بين أعضائه.

رابعاً: في جانب العوامل الديموغرافية المؤثرة في التبرع تم عرض مجموعة من المتغيرات العامة المتعلقة بالمتبرع، حيث وجدت الدراسات أن لتلك المتغيرات تأثيرا في نوع التبرع وحجمه، هي: (الدين والمستوى التعليمي والدخل وامتلاك منزل والمستوى الاقتصادي المدرك والعمر والنوع والحالة الزواجية وعدد الأطفال والعلاقة بقوة العمل وحجم مدينة الإقامة والجوانب الوراثية والمواطنة والأنشطة الشبابية والسياق الاجتماعي).

خامساً: قدمت الدراسة عرضاً لمجموعة من العلامات والمواقف والظروف المحفزة لسلوك التبرع، من خلال تحليل وعرض ما انتهت إليه الدراسات، التي حاولت استقصاء طبيعة العلاقة بين العلامات وعناصر المواقف الاجتماعية وبين سلوك التبرع، ومنها: (الوعي بعوز المستفيدين من التبرع حاجتهم والإيثار ومجال التبرع وطلب التبرع (التوسل) وكلفة التبرع والعوائد المادية للتبرع والعوائد النفسية والمتبرع الرئيس وسلم الترغيب وفنيات الإقناع المناسبة والمعلومات الاجتماعية وفعالية حملات التبرع وتعليم المتبرع).

سادساً: استعرضت الدراسة المحاولات العلمية لبناء نموذج يمكن الجهات الخيرية من فهم سلوك التبرع النقدي لدى المتبرعين المحتملين، والتنبؤ به، لمساعدة الجمعيات الخيرية على تحقيق أداء متزن ومستقر، يُجنب المستفيدين من خدماتها ضغوط النقص المفاجئ وغير المتوقع في خدماتهم.

سابعاً: عرضت الدراسة النماذج وقيمتها، مبتدئة بالنماذج الاقتصادية ثم النماذج النفس-اجتماعية، ممثلة في منظور العوامل الثمانية الموجهة لسلوك التبرع، ونموذج الفعل المخطط له (العقلاني).

أما الدراسة الميدانية فخلصت إلى النتائج التالية:
أولاً: أن تبرع السعوديين يرتفع في المناسبات الدينية كشهر رمضان وعشر ذي الحجة، كما يرتفع في أوقات تسلم الراتب الشهري، مع وجود مؤشرات تؤكد استمراره طوال العام.

ثانياً: انتهت الدراسة إلى تفضيل السعوديين بدرجة عالية؛ التبرع النقدي المباشر للجمعيات الخيرية، وبعض الوسائل التقنية التي توصل التبرع مباشرة إلى الجمعيات الخيرية.

ثالثاً: خلصت الدراسة إلى وجود تباين في آراء السعوديين حول تأثير الوسائل الاتصالية (التقليدية والحديثة) على تبرعاتهم النقدية، حيث لم يتجاوز تأثيرها الإجمالي الدرجة المتوسطة، وأشاروا إلى أفضلية الوسائل التقليدية على الحديثة، وهو ما يشير إلى وجود عوامل أخرى ذات تأثير على سلوك التبرع لدى السعوديين. 

رابعاً: وصلت الدراسة إلى أن السعوديين لديهم دوافع شخصية تدفعهم نحو التبرع، حيث حصل محور الدوافع على أعلى متوسطات الدراسة، بدرجة عالية جداً بلغت (4.28).

خامساً: انتهت نتائج الدراسة إلى وجود اتجاهات إيجابية لدى السعوديين نحو مؤسسات العمل الخيري، ووظائفها في المجتمع السعودي، بمتوسط عام للمحور (4.01)، وهي نتيجة تتوافق مع الافتراضات الرئيسة للنموذج العام للدراسة (الفعل المخطط له).

سادساً: بينت الدراسة أن لدى السعوديين إدراكاً لمستوى سهولة تنفيذ التبرع، وإدراكا للجهد الذي يجب بذله للقيام بالتبرع، وتصوراً واضحا لطرق تحقيق نية التبرع، حيث حصل هذا المحور على متوسط عالٍ بلغ (3.66).

سابعاً: خلصت الدراسة إلى وجود اتجاه إيجابي لدى السعوديين نحو التبرع النقدي للآخرين، يقع في الدرجة الرابعة من المقياس الخماسي، بمتوسط (3.63)، ويُعد التبرع النقدي أحد أهم مؤشرات قياس الاتجاه نحو مساعدة الآخرين، مما يشير إلى تجذر هذا السلوك في المجتمع السعودي.

ثامناً: أشارت النتائج إلى وجود تأثير للمعايير الاجتماعية والثقافية والأخلاقية، ولكنها بتصور مختلف عن المجتمعات التي يسعى فيها المتبرع للحصول على التقدير الاجتماعي، حيث يدرك السعوديون وجود ضغط اجتماعي تجاه القيام بالتبرع، ويتوقعون أن تكون عواقب الانصياع لتك الضغوط مشاعر رضا وسرور في المجتمع، لكنهم لا يريدون تقديراً من الآخرين لذلك التصرف.

تاسعاً: خلصت الدراسة إلى أن السعوديين يقدمون ثقتهم بالجهة الخيرية على غيرها من الاعتبارات، في حال اتخاذ قرار التبرع، ثم يمارسون مراحل اتخاذ القرار بشكل طبيعي في حال انخفاض الثقة.

عاشراً: انتهت الدراسة إلى أن سلم الترغيب المؤثر في تبرعات السعوديين، هو: النوع من حيث الذكورة والأنوثة والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي ومتوسط مرات التبرع بالمال شهرياً كذلك نوع السكن وملكيته والعمر والدخل والمهنة.

الدراسة غزيرة جداً بالمعلومات سواء الإحصائية حول كل زاوية من زواياها أو المعلومات المتفرعة عن كل بند ففي نهاية الدراسة نجد التوصيات القيّمة التي تعالج كل قضية تطرحها على سلم التحليل والنقاش وننصح بالعودة لهذه الدراسة والاستفادة من كل ما احتوته من تركيز على القضايا الجوهرية في عالم سلوك المتبرع السعودي.

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top