في هذا المقال نَستند إلى أفكار عملية عميقة وردت في مقال منشور على منصة Help You Sponsor بعنوان: Find Your First 100 Donors for Your New Nonprofit: New Methods، حيث قمنا في «البنك الثالث | موسوعة الإثراء المعرفي للقطاع غير الربحي» بترجمة المحتوى ومواءمته وإعادة صياغته بما يلائم احتياجات الممارسين في المنظمات غير الربحية، مع حفظ الحقوق الأدبية للكاتب والمصدر الأصلي.
يشبه إطلاق منظمة غير ربحية جديدة تشغيل طائرة ثقيلة على مدرج قصير: كل شيء يعتمد على السرعة التي تكتسبها في البدايات. وفي عالم التمويل، السرعة الأولى اسمها «أوّل 100 متبرّع».
هذا النص يقدّم خارطة عملية لبناء قاعدة المتبرعين الأوائل، مستوحاة من أفضل الممارسات العالمية ومكيّفة مع واقع المنظمات غير الربحية.
1. لا تبدأ من الصفر… ابدأ من الدائرة الأقرب
أكبر خطأ ترتكبه منظمة ناشئة هو القفز مباشرة إلى الإعلانات المموّلة والقوائم الباردة.
المتبرع البعيد يحتاج وقتًا طويلًا ليثق بك، بينما المتبرع القريب يملك أصلًا علاقة معك أو مع رسالتك.
فكّر في منظمتك كهدف رماية، في مركزه أنت وفريقك، وتحته دوائر تتّسع تدريجيًّا:
- العائلة والأصدقاء المقرّبون
- أعضاء مجلس الإدارة والمتطوّعون
- الزملاء السابقون، الجيران، زملاء الدراسة
- معارفك عبر المنصات الرقمية (LinkedIn، X، Whatsapp..)
القاعدة الذهبية: ابدأ دائمًا من الوسط، ثم تحرّك للخارج خطوة خطوة.
2. مجلس الإدارة والمتطوّعون… متبرّعون قبل أن يكونوا «شركاء عمل»
في المنظمات الناشئة، لا يكفي أن يقدّم عضو مجلس الإدارة وقته وخبرته؛ وجود اسمه وحده لا يموّل الميزانية.
من حيث المبدأ، من يوافق على عضوية مجلس إدارة جهة غير ربحية يعلن ضمنًا أنه يؤمن برسالتها، وأنه مستعد لوضع «جلده في اللعبة»؛ أي أن يساندها ماليًّا أيضًا.
والأمر نفسه ينطبق على المتطوعين النشطين: هؤلاء أقرب الناس لفهم أثر العمل، وغالبًا ما يكونون أكثر استعدادًا للعطاء المالي إذا دُعوا بطريقة محترمة وواضحة.
اطلب منهم بوضوح أن يكونوا ضمن أوّل 100 متبرّع، وامنحهم شرف «الدفعة الأولى» التي تُقلع بها المنظمة.
3. تمارين دائرة التأثير: من تعرف حقًّا؟
بعد أن تجمع أسماء الدائرة الأقرب، انتقل إلى ما هو أوسع.
اسأل نفسك:
- من أقاربي الموسَّعين يمكن أن يهتم بهذا العمل؟
- من زملائي في الوظائف السابقة أو الحالية؟
- من جيراني أو زملائي في المساجد أو الأندية أو المجموعات المهنية؟
- من معارفي عبر LinkedIn وX والمجموعات البريدية؟
ستُفاجأ بعدد الأسماء التي تظهر حين تكتبها على ورق أو في ملف إلكتروني، المهم أن تخرج من وهم «لا أعرف أحدًا يمكن أن يتبرع».
4. استراتيجية «شخص واحد كل يوم»
بدلًا من إطلاق حملة مرهقة تحاول فيها الوصول إلى مئات الأشخاص دفعة واحدة، اعكس المعادلة:
- خصّص لنفسك هدفًا بسيطًا: التواصل الشخصي مع شخص واحد جديد كل يوم.
- بعد 100 يوم من الالتزام الجاد، ستكون قد فتحت حوارًا مباشرًا مع 100 شخص جديد، وغالبًا كوّنت قاعدة صلبة من المتبرعين الأوائل.
التواصل يمكن أن يكون عبر لقاء وجاهي، مكالمة، رسالة صوتية، بريد إلكتروني شخصي، أو حتى رسالة Whatsapp مصاغة بعناية، المهم أن يشعر الطرف الآخر أنك تخاطبه هو، لا أنك ترسل «إعلانًا عامًا». السر هنا أن كثيرًا من الناس يتبرعون لسبب بسيط: لأن شخصًا يعرفونه ويثقون به طلب منهم ذلك بوضوح.
5. كيف تطلب بطريقة تحترم المتبرّع ولا تربكك أنت؟
الطلب الفعّال ليس خطابًا إنشائيًّا، بل أربع رسائل قصيرة وواضحة:
من نحن؟ وما المشكلة التي نعمل على حلّها؟
ماذا سنفعل عمليًّا بالتبرع في الأشهر الأولى؟
ما حجم المساهمة التي نحتاجها الآن؟ (افترض رقمًا واقعيًّا، ولا تخف من الوضوح)
كيف يمكنه الدفع بسهولة؟ (رابط دفع، حوالة، استقطاع… إلخ)
كلما كان الطلب محدّدًا، زادت احتمالية «نعم». وكلما كان فضفاضًا وعاطفيًّا فقط، تحوّل إلى مجاملة شفوية بلا تحويل بنكي.
6. اجعل من أول 100 متبرّع «رأس المال الاجتماعي» للمنظمة
أول 100 متبرّع ليسوا فقط مصدر تمويل؛ إنهم:
- أوّل دائرة ثقة حول منظمتك
- أوّل من سيتحدّث عنك للآخرين
- وأوّل من يمكن أن يتحوّلوا إلى متبرعين متكررين أو سفراء أو أعضاء لجان
احرص على:
- شكرهم بأشكال شخصية (رسائل، اتصالات، تحديثات خاصة)
- إشراكهم في قصص النجاح الأولى
- تذكيرهم بأنهم «المؤسسون الحقيقيون» للأثر الذي تصنعه منظمتك
حين يشعر المتبرع أنه جزء من قصة أكبر، لا من معاملة مالية عابرة، يصبح أكثر استعدادًا لأن يبقى في هذه القصة لسنوات.
7. البداية ليست مستحيلة… لكنها تحتاج انضباطًا
العبرة في بناء قاعدة أوّل 100 متبرّع ليست في عبقرية الفكرة، بل في الاستمرار:
- دائرة قريبة تبدأ منها
- قائمة أسماء تتّسع يومًا بعد يوم
- تواصل شخصي منتظم
- طلب واضح ومحترم
- متابعة حقيقية لمن استجاب
بهذه الخطوات البسيطة، يتحوّل «التبرع الأول» من معضلة ذهنية إلى روتين يومي، وتتحول منظمتك من مشروع على الورق إلى كيان يمتلك قاعدة ثقة حقيقية تموّله وتدافع عنه.
في النهاية، ليست معركة المنظمات الجديدة مع نقص المتبرعين بقدر ما هي مع غياب منهج واضح لبناء أول دائرة ثقة حولها.
الوصول إلى المئة متبرع الأوائل هدف قابل للتحقيق حين يتحول إلى ممارسة يومية من التواصل الشخصي، والطلب الواضح، والمتابعة التي تحترم الإنسان قبل المال ومن ينجح في هذه المرحلة يؤسس لرأس مال اجتماعي يبقى أثره أبعد بكثير من حدود الميزانية الأولى.
هذا المقال مترجم ومكيف عن محتوى منشور في منصة Help You Sponsor، مع حفظ الحقوق الأدبية لأصحابه.
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
