قدمت Nell Edington في مقالها الأخير تحت عنوان “ما هي الاستدامة في القطاع غير الربحي؟” تعريفها لمفهوم الاستدامة وسبل تحقيقها في المنظمات غير الربحية. وقد أشارت Edington إلى أن “الاستدامة تتحقق عندما يتم استخدام الموارد المالية اللازمة بشكل فعال لتحقيق أهدافها بعيدة المدى”.
وقد أوضحت Edington أن هناك تبايناً في وجهات النظر حول أهمية الموهبة ودورها في تحقيق الاستدامة. ولا يمكن للمنظمات غير الربحية أن تحقق الاستدامة إذا لم تتوفر لديها في المقام الأول المواهب اللازمة لذلك. وفي حقيقة الأمر، إن قدرة المنظمات غير الربحية على تحقيق أهدافها المرسومة على المدى البعيد مرتبط بمدى إدراك قادتها لأهمية وضع خطط واستراتيجيات فعالة لجذب أفضل المواهب الممكنة وتطويرها واشراكها في نشاط المنظمة. لكن يكمن الإشكال هنا في أن قادة بعض المنظمات لا يعتبرون الموهبة من أولويات المنظمة.
وبناءً على لك، إن المنظمات التي يولي قادتها أهمية للمواهب في تحقيق مهامها هي التي تلاقي نجاحاً باهراً. ويشبه هذا الأمر إلى حد كبير أهمية وجود “تدفق الإيرادات المتنوعة”، والاستدامة التنظيمية، حيث يدرك القادة في هذه الفئة الدور الريادي لعناصر التنوع والإنصاف والشمول في القوى العاملة في المنظمة لتحقيق مهامها. وتتطلب استدامة المواهب وجود العوامل التالية:
– رسم أهدافك على المدى البعيد:
لتحقيق الاستدامة، يجب على المنظمة غير الربحية تحديد النتائج التي تهدف إلى تحقيقها في نهاية المطاف، وضمان توافق نهجها مع إدارة الأشخاص. فإذا كان هدف المنظمة هو التركيز على بناء واستدامة القوة العاملة، فسوف تحتاج إلى وجود شخص يتبنى هذا التوجه ويشجع على القيام بذلك، لتحميله مسؤولية هذه النتائج.
في هذا الإطار، قالت Edington “لا يمكنك أن تأمل في تحقق الاستدامة إذا لم تستطع تحديد ما تريد إنجازه في نهاية المطاف كمنظمة تهدف للتغيير الاجتماعي”. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن أن تكون لديك منظمة مستدامة من دون وضع خطة واضحة تبين فيها لـ “من” سيقوم بإنجاز هذا العمل وما تحتاج إليه للقيام بذلك.
– وجود استراتيجية لتحقيق تلك الأهداف:
إن تحقيق الاستدامة في المنظمة يتطلب وجود استراتيجية تنظيمية، واستراتيجية لاستقطاب المواهب. ويجب أن يكون للمنظمة توجه واضح ومجموعة من المعالم التي يمكن من خلالها تقييم “تقدم الأفراد”. كيف ستقيس جودة المواهب التي قمت بتوظيفها؟ ما هي الأنظمة والبرامج والموارد التي تحتاجها لضمان وجود ثقافة إيجابية ومنتجة تدعم المستويات المناسبة للحفاظ على تلك المواهب؟ ما هي المهارات التي تحتاجها ضمن القوى العاملة لديك في الوقت الراهن وفي المستقبل لضمان إنجاز مختلف أعمال ومهام منظمتك غير الربحية؟
– استخدام الموارد المطلوبة بفعالية لجذب المواهب وتطويرها والاحتفاظ بها:
تقول Edington حيال هذه النقطة إن “مجرد التخطيط للمستقبل ليس كافياً، بل يجب عليك أن تعرف ما الذي تحتاجه بالضبط فيما يتعلق بالموظفين، ومجلس الإدارة، والمتطوعين، والأنظمة، والتكنولوجيا، والتسويق، وغيرها من الموارد التي تحتاجها لتحقيق خطة منظمتك”.
ومما لا شك فيه، لا يمكن إنجاز المهام التي تضطلع بها المنظمات غير الربحية من دون العنصر البشري. وإذا كانت منظمتك قد أخذت على عاتقها إحداث تغيير اجتماعي بارز مثل التخفيف من حدة الفقر في المجتمع، أو إنقاذ كوكب الأرض من الكوارث البيئية، فإنه من الضروري معرفة الأفراد الذين ستوكل إليهم مهمة إنجاز هذا العمل.
ولتحقيق هذه الغاية، لابد من أخذ جملة من العوامل في غاية الأهمية بعين الاعتبار لإنشاء خطة مواهب مستدامة صلب منظمتك غير الربحية. وهذا يعني أنه يجب عليك أن تكون واضحًا بشأن أهمية المواهب ودورها في منظمتك والاستثمار في تطويرها.
– جذب الأشخاص المناسبين:
إنّ إبداء استعدادك للاستثمار في المواهب هي بداية رائعة ولكنها ليست كافية. فعليك أن تكون ملماً بالجانب الآخر من معادلة المواهب، الذي يتمثل في عملية جذب الأشخاص المناسبين للقيام بالدور المناسب في الوقت المناسب. كما يساهم وضع استراتيجية فعالة لإدارة المواهب في جذب الأشخاص المناسبين الذين يملكون المهارات والخبرات اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة، ويبدون رغبتهم في تكريس وقتهم وموهبتهم لخدمة لتلك الأهداف.
– كيف يتم ذلك؟
لتحقيق استدامة المواهب الحقيقية، تحتاج كل منظمة إلى شخص ما يقوم بالدور الاستراتيجي للموارد البشرية. وفي حال كان لديك شخص يلبي احتياجاتك في مجال الموارد البشرية (مثل إعداد كشوفات الأجور وتقييم أداء الموظفين)، فإن منظمتك تحتاج إلى شخص آخر قادر على بناء وتنفيذ استراتيجيات أكبر فيما يتعلق بالموارد البشرية.
وتشير الدراسات إلى أن الاستعانة بمصادر خارجية استراتيجية للموارد البشرية يسمح للموظفين بقضاء المزيد من الوقت في أداء وظائف الأعمال الأساسية، ويساهم في خلق كفاءات تشغيلية وتحقيق أداء أفضل. لهذا السبب، تقدم الموارد البشرية غير الربحية خدمات استشارية للموارد البشرية الاستراتيجية بدوام جزئي، وتقوم في الأثناء بالاستعانة بمصادر خارجية.
وفي الختام، شددت Edington على ضرورة أن “يقوم كل شخص يرغب في إحداث التغيير الاجتماعي (الحكومة، والممولين الخاصين، والمانحين الفرديين وقادة التغيير الاجتماعي) بدعم استدامة المواهب في هذا القطاع والاستثمار فيها”. وأنت، ماذا ستفعل اليوم لدفع استدامة المواهب في منظمتك؟
———————————————-
الموقع: نون بروفيت إتش آر
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
