قراءة في أثر سياسات ترامب على القطاع غير الربحي

ع ع ع

عندما تَصدر مذكرة واحدة في البيت الأبيض، تُلغى عشرات المنح، وتُجمّد ملايين الدولارات، ويعلّق آلاف العاملين في المنظمات غير الربحية أنفاسهم. هذا ليس مشهدًا دراميًا، بل واقع عاشه القطاع الخيري الأمريكي مع سياسات الرئيس ترامب، التي ألقت بظلالها على برامج العدالة والتمكين والصحة والتعليم.

خلال فترة إدارته، اتخذت الحكومة الأمريكية خطوات أثارت قلقًا واسعًا في أوساط العمل الخيري: جُمِّدت الأموال الفيدرالية، تم التراجع عن مبادرات الإنصاف والشمول (DEI)، ووقعت آلاف حالات تسريح في القطاع الحكومي، ما أدى إلى شلل في خطوط التواصل مع كثير من الجهات الداعمة.

بعض المؤسسات الكبرى كـ Freedom Together وMcArthur اختارت أن ترفع قيمة المنح لتعويض هذا الانقطاع، لكن الكثير من الجهات الأخرى فضّلت الصمت والانتظار. في المقابل، وجدت المنظمات نفسها مطالبة بأن تعيد تعريف هويتها التمويلية من جديد.

وهنا نصل إلى السؤال الأوسع: ما علاقة بقية العالم، وبالأخص القطاعات غير الربحية خارج أمريكا، بكل ما يحدث هناك؟

الجواب ببساطة: لأننا نعيش في منظومة اقتصادية عالمية تؤثر وتتأثر ببعضها البعض. عندما تهتز سياسات التمويل في أكبر اقتصاد في العالم، فإن دوائر التأثير لا تتوقف عند حدوده الجغرافية، بل تمتد إلى:
- الشركات المتعددة الجنسيات التي تعيد النظر في استراتيجيات دعمها المجتمعي حول العالم.
- المؤسسات المانحة الدولية التي تميل إلى تقليص نطاق دعمها أو إعادة توجيهه.
- المبادرات والشراكات العابرة للحدود التي كانت تعتمد على استقرار معين في الأولويات الأمريكية.

إذا كانت مذكرة واحدة من مكتب الإدارة والموازنة الأمريكي قد أوقفت مليارات الدولارات من الدعم، فإن مشروعًا غير ربحيًا في أي بلد يعتمد على شريك خارجي قد يجد نفسه بدون تمويل في لحظة.

ومن هنا، تصبح التوصيات الواردة في التقرير الأصلي المنشور على موقع AFP Global بمثابة خارطة طريق لأي منظمة تسعى إلى الاستدامة في عالم متقلب:
1- افهم مصادر تمويلك بدقة، وحدّد نقاط الهشاشة المرتبطة بالخارج.
2- كن شفافًا مع فريقك وشركائك حول التحديات المحتملة.
3- أعد تقييم علاقاتك مع الشركات والمؤسسات المانحة الدولية.
4- ابحث عن صيغ تمويل محلية مرنة، مثل المحافظ الوقفية أو برامج التبرع المتكرر.
5- استعد دائمًا لسيناريوهات الطوارئ، من خلال خطط بديلة قابلة للتفعيل.

ختامًا: ترابط الأزمات يتطلب سيادة تمويلية
ليس من الواقعية أن نفصل أنفسنا تمامًا عن العالم. لكن من الحكمة أن نخفف الاعتماد على الخارج في أكثر القطاعات حساسية: العمل غير الربحي.
كل أزمة سياسية أو اقتصادية عالمية تُشبه حجرًا يسقط في بحيرة التمويل الخيري الدولية. وكل منظمة تعتمد على شراكات عابرة للقارات مطالبة اليوم بأن تعيد التفكير في نماذجها، ليس خوفًا، بل استعدادًا.

تمت ترجمة هذا المقال وتحليله بتصرف عن مقال منشور في موقع afpglobal.org بعنوان:"Fundraising in Uncertain Times: How to Be Proactive to Secure Your Funding"

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top