في مساء الأحد 31 أغسطس، احتضن مسرح "ذا ستيج" بالرياض لقاءً حواريًا بعنوان: كيف تُبنى الاستدامة المالية للجمعيات؟، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، أدار الحوار الإعلامي محمد الموسى، وكان ضيف اللقاء المستشار في التسويق والاستدامة المالية حامد الذيابي.
منذ اللحظة الأولى، بدت القاعة مهيأة لحوار يتجاوز الطرح التقليدي، إذ طرح اللقاء أسئلة عميقة حول التمويل الذاتي، الشراكات مع القطاع الخاص، وأهمية الهوية المؤسسية كجزء من معادلة الاستدامة.
الاستدامة بين الكيان والقضية
لفت نظري – وأنا أتابع الحوار – تمييز حامد بين "استدامة الكيان" و"استدامة القضية". فقد أوضح أن بعض القضايا المجتمعية لا تحتاج أن تعيش الجمعية المعنية بها إلى الأبد، بل الهدف أن تُحلّ القضية ذاتها. أما استدامة الجمعية، فهي ضمان أن تظل قادرة على العمل حتى تحقق رسالتها. هذا الطرح أعاد ترتيب النقاش الدائر عادة في القطاع، وفتح زاوية جديدة للتفكير.
التسويق كهوية لا كحملة
أحد أبرز محاور النقاش كان عن التسويق. تحدث حامد بوضوح أن التسويق ليس رفاهية ولا مجرد إعلان لجلب التبرعات، بل هو استثمار طويل الأجل في بناء الهوية المؤسسية. هنا، وجدتني أستحضر حواراتنا الطويلة معه في "بودكاست حكاية القطاع" حين كان يؤكد أن المانح اليوم يبحث عن هوية متماسكة وقصة ملهمة، لا عن نشرة إعلانية عابرة.
الشراكات مع القطاع الخاص
كما سلط اللقاء الضوء على أهمية الشراكات مع القطاع الخاص، وضرورة امتلاك الجمعيات لذراع استثماري يضمن تنويع مصادر الدخل. هذا الطرح لم يكن بعيدًا عن التحولات الجارية في ظل رؤية السعودية 2030، حيث أصبح الاستثمار الاجتماعي أحد أهم ركائز استدامة العمل الأهلي.
بعد شخصي
وبالنسبة لي، لم يكن اللقاء مجرد تغطية لندوة عامة. فقد تابعت زميلي وصديقي حامد الذيابي – الذي رافقته في رحلتنا المشتركة عبر "بودكاست حكاية القطاع" – وهو يترجم نقاشاتنا السابقة إلى خطاب عام يسمعه قادة القطاع غير الربحي. شعرت أن الأفكار التي كنا نطرحها بين الجدران باتت تجد طريقها إلى منصات مفتوحة، وأن القطاع بدأ بالفعل في الانتقال من التنظير إلى التطبيق.
ندوة "كيف تُبنى الاستدامة المالية للجمعيات؟" لم تكن مجرد حوار عابر، بل محطة لإعادة التفكير في مفاهيم الاستدامة، التسويق، والشراكات. وبالنسبة لي شخصيًا، كانت تجربة مضاعفة: مشاهدة صديق وزميل يتحول من صوت في البودكاست إلى صوت مسموع على المسرح، وإدراك أن ما نناقشه في الغرف المغلقة يمكن أن يصنع وعيًا جديدًا حين يخرج للنور.
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
