الإدارة التعاونية في التعليم والتدريب غير الربحي: نموذج جديد للشراكة الفاعلة

ع ع ع

في بيئة تتزايد فيها التحديات التعليمية، ويُنتظر من القطاع غير الربحي دور أكبر في بناء القدرات البشرية، تبرز الإدارة التعاونية كأحد أبرز النماذج الحديثة لإدارة وتفعيل العمل التعليمي والتدريبي، لاسيما حين يكون ذلك بالشراكة مع الحكومات المحلية ومقدمي الخدمات المجتمعية. وقد شكل مقال روبرت أغرانوف ومايكل ماكغواير المنشور في دورية Public Administration Review عام 2003، مرجعًا مؤسسًا لهذا التوجه، بعنوان:

Collaborative Public Management: New Strategies for Local Governments
(الإدارة العامة التعاونية: استراتيجيات جديدة للحكومات المحلية)


التعليم لا يُدار بمفرده

يذهب الباحثان إلى أن العمل الحكومي في التعليم والتدريب لم يعد فاعلًا إذا اقتصر على مؤسساته الرسمية فقط، بل يتطلب شبكات من التعاون بين قطاعات مختلفة، تضم:

  • الوزارات والهيئات التعليمية

  • الجمعيات الأهلية والتطوعية

  • المؤسسات الخيرية والوقفية

  • الجامعات والمراكز البحثية

  • القطاع الخاص والشركات التدريبية

وهو ما ينسجم مع الاتجاه العالمي المتنامي نحو الحوكمة الشبكية في المجال التعليمي، وتوزيع المسؤوليات على الأطراف الفاعلة بدلًا من احتكارها.


أربع أدوات لتفعيل التعاون في التعليم

يرى الكاتبان أن الإدارة التعاونية تقوم على أربع استراتيجيات عملية، يمكن تكييفها بسهولة في سياقات التعليم والتدريب:

  1. التواصل: بناء منظومات شفافة لمشاركة المعلومات بين المدارس، والجمعيات، والجهات الممولة، لتفادي الازدواجية وتعزيز التكامل.

  2. التنسيق: تنظيم الأدوار بين مقدمي التدريب الرسمي (كالجامعات) وغير الرسمي (كالمنصات المجتمعية) بآليات تشاركية.

  3. المشاركة: إبرام شراكات استراتيجية بين الجهات التعليمية الحكومية والمراكز غير الربحية ذات الكفاءة العالية.

  4. الاندماج: إقامة مبادرات تعليمية موحدة تُدار بهياكل مختلطة تضم ممثلين من القطاع الحكومي وغير الربحي.


السعودية نموذجًا: كيف يُترجم هذا عمليًا؟

تسعى رؤية السعودية 2030 إلى رفع مساهمة القطاع غير الربحي في التعليم من خلال المبادرات النوعية، مثل:

  • تمكين الجمعيات التعليمية من إدارة برامج دعم الطلاب المتعثرين.

  • فتح المجال للمنصات الوقفية لتقديم برامج تدريب رقمي في المناطق النائية.

  • إنشاء شبكات وطنية للتطوع التربوي بمشاركة الجامعات والجمعيات.

الإدارة التعاونية هنا تتيح تجاوز الحواجز الإدارية والتشريعية التقليدية، وتفسح المجال أمام الإبداع المحلي بقيادة الجهات المجتمعية المؤهلة.


خلاصة مهنية: من الإدارة إلى التمكين

يدعونا هذا النموذج من الإدارة إلى إعادة النظر في دور الجهات الحكومية التعليمية، بحيث تكون ممكنة وراعية للشراكات، بدلًا من أن تكون المشغل الوحيد. وهذا يتطلب بناء كوادر لديها المهارات التيسيرية، وخلق ثقافة ثقة بين المؤسسات الحكومية والجمعيات الأهلية، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة لتكامل الجهود نحو تعليم أكثر عدالة وابتكارًا واستدامة.


المصدر:

تم إعداد هذا المقال بناءً على:

Agranoff, R., & McGuire, M. (2003). Collaborative Public Management: New Strategies for Local Governments. Public Administration Review, 63(5), 560–571.

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

scroll to top