تحديات التوظيف في القطاع غير الربحي: دروس من العالم، وتطبيقات على الواقع السعودي

ع ع ع

نُشر هذا المقال في مدونة شركة Safeguard Global بعنوان: "6 Hiring Challenges in Nonprofits and NGOs" ويستعرض أبرز المعوقات التي تواجه المنظمات غير الربحية والمنظمات غير الحكومية في عملية التوظيف، مع تقديم حلول عملية وقابلة للتطبيق.

المقال يستند إلى بيانات حديثة من مصادر دولية، مثل Salesforce وPhilanthropy News Digest، ويتضمّن إحصاءات دقيقة مثل معدل الدوران الوظيفي البالغ 19%، ويعرض حلولًا مبتكرة مثل التوظيف عبر مزوّدي "صاحب العمل المسجّل" (EOR).

وفي هذا النص، نعيد تقديم المقال مع إسقاطه على واقع المملكة العربية السعودية، حيث يشهد القطاع غير الربحي تطورًا كبيرًا في ضوء رؤية 2030 التي تستهدف رفع مساهمته في الناتج المحلي إلى 5%، وزيادة عدد المتطوعين والعاملين بدوام كامل في هذا القطاع.


1. غياب استراتيجية توظيف واضحة

رغم أن نجاح أي منظمة يرتبط بقدرتها على استقطاب أفضل الكفاءات، إلا أن أكثر من 60% من المنظمات غير الربحية عالميًا لا تملك استراتيجية توظيف رسمية. وبدلاً من التخطيط الاستباقي، تلجأ العديد من الجهات إلى حلول مؤقتة: إعلان، فرز سريع، وأملٌ في الأفضل.

في السعودية، كثير من الجمعيات تعتمد على التوظيف العشوائي أو علاقات شخصية، مما يضعف قدرتها على بناء فرق عمل مستدامة.

الحل:

  • مراجعة داخلية لمؤشرات التوظيف: كم مرشح تقدم؟ كم مدة شغور الوظائف؟ كم موظف استمر أكثر من سنة؟

  • تحديد دقيق للأدوار والمسؤوليات.

  • استخدام أدوات احترافية لإدارة المتقدمين.

  • تنويع قنوات التوظيف، بما في ذلك التسويق الرقمي وشبكات الإحالة.

  • التعاون مع جهات توظيف متخصصة في القطاع التنموي.


2. ضعف العلامة الوظيفية (Employment Brand)

نحو 70% من المنظمات غير الربحية عالميًا لا تبني لنفسها علامة وظيفية متميزة، رغم أن هذه العلامة هي ما يجعل المرشح يقول: “أريد أن أعمل هنا”.

في المملكة، لا تزال غالبية الجمعيات تركّز في تسويقها على المستفيد أو الداعم، وتتجاهل تسويق نفسها كمكان عمل يُحتذى به.

الحل:

  • استكشاف ما يُحبّه موظفوك الحاليون في بيئة العمل.

  • تحديد عرض القيمة الوظيفية (EVP): لماذا ينضم الناس إليك؟ ما الذي يبقيهم؟

  • إبراز المزايا غير المالية: الأثر المجتمعي، المرونة، الوصول للقيادات.

  • دمج هذه القيم في الموقع الإلكتروني، والإعلانات الوظيفية، والمقابلات.


3. معدل دوران وظيفي مرتفع

يبلغ معدل دوران الموظفين السنوي في المنظمات غير الربحية نحو 19%، مقارنة بـ10% فقط في القطاع الخاص.
في السعودية، يواجه القطاع غير الربحي صعوبة في الحفاظ على الكفاءات، خاصة في المدن الصغيرة أو الوظائف الميدانية.

الحل:

  • معالجة الأسباب الرئيسية: تدنّي الرواتب، غياب مسار الترقّي، زيادة الضغط.

  • تبني ثقافة رعاية نفسية ومهنية.

  • خلق فرص للنمو داخل المنظمة عبر الترقية الداخلية.

  • الاستعانة بمزوّدي توظيف عند الحاجة للوصول إلى مرشحين أكثر ملاءمة.


4. التحول إلى النموذج الرقمي أولاً (Digital-First)

تتوقع Salesforce أن معظم العمل في القطاع غير الربحي خلال 5 سنوات سيكون عبر الإنترنت، سواء في العمليات أو جمع التبرعات.
في السعودية، كثير من الجمعيات بدأت التحول الرقمي، لكنها ما زالت تفتقر إلى استراتيجيات واضحة أو كوادر مؤهلة.

الحل:

  • إعادة تقييم الاستراتيجيات بما يواكب التحوّل الرقمي.

  • تمكين الموظفين من العمل عن بُعد وفق نظم مرنة.

  • بناء ثقافة داخلية تعزز الترابط رغم التباعد الجغرافي.

  • الاستثمار في بنية تقنية قوية.


5. تعقيدات التوظيف الدولي

المنظمات ذات الطابع الدولي تواجه تحديات قانونية وإدارية في توظيف كوادر عبر الحدود: من الضرائب إلى العقود والتصنيفات.

في السعودية، الجمعيات التي تسعى للتعاون الإقليمي أو الخليجي تصطدم بهذه التحديات، خاصة مع اختلاف الأنظمة.

الحل:

  • التعاون مع مزودي حلول مثل "Employer of Record" لتولي التوظيف نيابة عنك.

  • ضمان التزام العقود بالقوانين المحلية في كل بلد.

  • فهم الأعراف الاجتماعية في التوظيف، مثل المزايا المتوقعة في الهند أو باكستان أو مصر.


6. فجوة المهارات (Skills Gap)

مع ازدياد الحاجة إلى وظائف تعتمد على التقنية والتحليل، أصبحت الوظائف الشاغرة أكثر من عدد الكفاءات المتاحة.
وفي السعودية، تعاني كثير من الجمعيات من نقص في خبرات التخطيط، التحوّل الرقمي، والابتكار.

الحل:

  • استقطاب ذوي الخبرة في نهاية مسيرتهم المهنية ممّن يرغبون في التحوّل للعمل المجتمعي.

  • توجيههم لتدريب الجيل الجديد من الموظفين داخل المنظمة.

  • بناء برامج تطوير مهني تُنقل فيها المهارات من جيل إلى جيل.

  • اعتبار التدريب الداخلي استثمارًا استراتيجيًا للمنظمة.


كيف يمكن للمنظمات غير الربحية تجاوز هذه التحديات؟

قد يبدو من الصعب التغلب على جميع التحديات المرتبطة بالتوظيف الدولي التي تواجهها المنظمات غير الربحية والمنظمات غير الحكومية،
لكن وبحسب احتياجات منظمتك الخاصة، فإن معالجة أكثر التحديات إلحاحًا فقط قد يكون كافيًا لإحداث فارق حقيقي.

ينبغي ألا تكون عملية التوظيف عقبة أمام منظمتك،
بل ينبغي أن تكون فرصة لاكتشاف أفضل الكفاءات التي تدفع بشغف المنظمة وأثرها إلى الأمام.

نحن هنا لمساعدتك في تحقيق أهدافك في الاستقطاب والتوظيف،
للمساهمة معًا في جعل هذا العالم مكانًا أفضل، من خلال طرح محتوى يمنحك أفكار تتجاوز فيها التحديات التي تواجهها في عملك غير الربحي.

في النهاية، التوظيف في القطاع غير الربحي ليس مجرد شاغر يُملأ، بل هو استثمار مباشر في رسالة المنظمة، وأداة لبناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.
  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

scroll to top