دور التخطيط الاستراتيجي في تحقيق الاستدامة

إذا كانت المُنظّمة غير وَاضحة بشأن هَدفها، فقَد تقُوم على سبيل المثال بإطلاق مشرُوع مُدرّ للدّخل لجمع 50.000 دولار سنويًا دون أن تأخذ في الاعتبار أنّه يحتوي على عجز حاليّ قدره 500.000 دولار يتمُّ دفعُهُ على المدى القصير، وما لم يكن لديها وسائلٌ أُخرى لجمع هذه الأموال، فإنّ مبلغ 50.000 دولار لن يكون كافياً وسوف تشعُر المنظمة بأنّها لم تَصل إلى أيّة نَتيجة مُجدية أو أنّها لم تَعمل على تَحقيق هدف بعيد المَنال.

ونظرًا لأنّ المُنظّمة تنمُو وتضطلعُ بعدد مُتزايد من الأنشطة، فإنّها تُخاطر بالتّركيز على المهامّ الإداريّة اليوميّة وفقدانُ الأَهداف بعيدة المدى، وبالتّالي فالتّخطيط الاستراتيجيُّ يُشكّلُ آليةً للمُساعدة في توضيح مُهمّة المُنظّمة وأهدافها وكذلك إعطاء الأولويّة للإجراءات اللاّزمة لإنجازها، كما أنَّ التَّخطيط الفعّال  أصبَح شرطًا أساسيًّا للوُصول إلى الصّناديق الدُّولية المُتاحة.

ومعَ ذَلك، ونظرًا لأنَّهُ يعملُ على المُستوى المفاهيميّ البَحتَ، فإنّ التّخطيط الاستراتيجيّ لدَيه نُقطة ضَعف تتمثّلُ في أنّهُ لا يأخذ في الحُسبان بشَكل كاف المَوارد المُتاحة للمُنظّمة وتنفيذ الاستراتيجيّات المُختارة، أو قُدرتها على الحُصول على موارد جديدة، لذلك من المُهمّ الانخراط في عمليّة تخطيط ماليّ موازية تجعلُ من المُمكن تحويل الإجراءات المُوضّحة في الخُطّة الاستراتيجيّة إلى أرقام.

وتتكونُ خُطّة العمل الماليّة بشكل أساسيّ من النّفقات المُتوقّعة وإمكَانَات المُنظّمة لتوليد الدّخل لتَغطية تلك النّفقات، وعلى الرُّغم من أنّه قد يبدو أنّ الخُطّة الماليّة مُشابهةً جدًا للميزانيّة، إلاّ أنّ هُناك اختلافات كبيرة بين الاثنين فالخُطّة الماليّة هي وثيقةٌ ديناميكيّةٌ تتغيّرُ بشكل مُتكرّر، والغَرض النّهائيّ منها هو تَحديد مَا إذا كانَ لدَى المُنظّمة مواردٌ كافيةٌ متوفرةٌ على المَدى المُتوسّط ​​للوَفاء بالأَهداف المُوضّحة في الخُطّة الاستراتيجيّة.

وتعملُ الخُطّة الماليّة على أساس سيناريُوهات تتراوح من الحدّ الأدنى المُمكن إلى المثاليّ والحدّ الأدنَى للسّيناريو يُمكّنُ من تحديد الأولويّات التي لا غنًى عَنها لتَحقيق مُهمّةً ضمنَ إطار زمنيّ مُحدّد، وما إذا كان يُمكن للمُؤسّسة تغطيةُ التّكاليف الثّابتة أو التّشغيليّة خلال تلك الفترة، حيثُ أنّ هذه الأولويّات التي لا غنًى عنها والتكاليف التشغيليّة الثّابتة تمثل هدف الحد الأدنى لجمع التبرُّعات.