السنة الأولى في الاستدامة المالية

ع ع ع

خلافاً للاعتقاد السائد، فإنّ جمع الأموال لا يعني التسوّل للحصول على الدّعم المالي أو العينيّ!  بل هُو فنُّ تجنيد الأشخاص المُناسبين للاستثمار في مشروعك، ويرى البعض أنّهُ عملٌ شاقٌّ، ورُغم كونه ضروريًّا للمُحافظة على استمراريّة العمل، فإنّه بعيدٌ كُلّ البُعد عن متعة وإثارة التّغيير. 

فإذا كُنت تتعاملُ مع هذا المفهوم من خلال هذا المنظور، فهُناك فرصةٌ لتغيير طريقة تفكيرك في جمع التبرعات، ويُمكنك دمج جمع الأموال مع أنشطة التّغيير التي تُمارسُها، بدلاً من أن تجعلهُ نشاطًا مُنفصلاً عن مُهمّتك. 

على سبيل المثال، ترتبط عمليات جمع الأموال ارتباطاً وثيقاً بالاتّصالات والتّوعية، وتُوفّرُ عملية جمع الأموال من هذا المنظور فُرصةً لمُشاركة قصّتك حول قضيّتك، وأَسباب أهمّيتها وكذلك توفير فُرص للمشاركة. 


تطوّرت لدى بعض المُؤَسّسات، عمليّةُ جمع التبرعات من أفراد مجهولين إلى بناء علاقات ضمن شَبكاتك الشّخصية والمهنيّة، والتي تُعرف باسم "جمع الأصدقاء". بالإضافة إلى ذلك، يرغبُ الأشخاص الذين استفادوا من عملك في التّعبير عن امتنَانهم بأَن يُصبحوا أنصار مُؤسستك، ويُوفّر ذلك وسيلةً أُخرى لإشراك الآخرين في قضيّتك أثناء توليد الدّعم.


إنّ جمع الأموال هو عمليّةٌ تبدأ بتصوُّر مشروعك وتستمرُّ طوال حياة المُؤسّسة، لذلك سوف تحتاجُ إلى تَحديد مُهمّة مُؤسّستك، والتّخطيط لكيفيّة إنجازها، والموارد المطلوبة أثناء إعداد خُطّتك الاستراتيجيّة، وبمُجرّد تحديد تكاليف بدء التّشغيل لمُؤَسّستك النّاشئة، يُمكنك البدء في التّفكير في مَصادرك التمويليّة. وبعد تحقيق هدفك الأوّلي لجمع الأموال لبدء المشروع، ستكتشفُ حاجةً ماسّةً إلى تدفُّق ثابت من الدّخل لتوليد تأثير اجتماعيّ، ومن المُرَجّح أن تزداد أهدافُكَ التّمويليّة مع توسيع نطاق المُؤَسّسة لنطاقها الجغرافيّ، وتوسيع عُمق أنشطتها، واتّساع نطاقها.


إنّ جمع التبرُّعات عبارةٌ عن دورة مُستمرّة تتكوّنُ من المراحل التّالية:


1. تحديد الهوية

من هُنا تبدأ عمليّة جمع التبرُّعات! فقبل البدء في التماس الدّعم من الأفراد والمُنظّمات، حاول  التعرّف عليهم قدر الإمكان، ويتطلّب ذلك البحث في أنواع الأشخاص والمُنظّمات المُحتملين للاهتمام بقضيّتك، وما إذا كانت لديهم الوسائل اللاّزمة للمُساهمة، حيث إنّ هذه المعلومات ستكون مفيدةً في وقت لاحق في دورة جمع التبرُّعات، بما في ذلك:

أ. مقدار الأموال التي قدّموها في الماضي لأسباب تُشبهُ أسبابك.

ب. مُتطلّباتهم للحصول على التّمويل.

ج. عدد المرّات التي تمّ فيها اتّخاذ قرارات التّمويل من قبلهم.

د. كيفيّة تلاءم أنشطة التّغيير لديك مع استراتيجيّتهم الشّاملة، للتّأثير الاجتماعيّ.

وبمُجرّد أن تُحدّد من هو الشّخص المُناسب لقضيّتك، قُم بإعداد قائمة بالأطراف المُحتملة والتي نويت الاقتراب منها للحصول على الدعم، ورتّب آفاقك حسب ترتيب المانح  الأكثر احتماليّةً، لتوفير أكبر قدر مُمكن من المال في أقصر فترة من الوقت، وشُقَّ طريقك نحوهُ.

فكّر استراتيجيًّا وبشكل خلاّق حول أفضل المُرَشّحين وأنسبهم لطلب التّمويل، وقُم بقضاء بعض الوقت في تحليل مصادر التّمويل المُحتملة وطرح الأفكار المُبتكرة لتحقيق هدفك التمويليّ، مثل توليد إيرادات من خلال تقديم المُنتجات أو الخدمات، والوُصول إلى التبرّعات العينيّة والدّعم المجانيّ، والحصول على تمويل أوّليّ من الأصدقاء والعائلة، والتقدّم بطلب للحصول على قرض مُنخفض أو دون فوائد.


2. الإنماءُ الماليّ

من منّا لا يعلمُ أنّ تطوير العلاقات مع المُموّلين المُحتملين قبل تقديم الطّلبات، يزيد من فُرص نجاحك وصعودك.

لن يكون عليكَ التّواصل مع الأشخاص الذين تعرفهم فقط، بل من المُرَجّح أن تتلقّى استجابةً إيجابيّةً عندما يكون الشّخص أو المُؤَسّسة على دراية بك وبعملك ويُؤمنُون بما تفعلُه، إذ يُعَدُّ الإنماءُ الماليُّ مُهمًّا بشكل خاصّ في الحالات التي ترغبُ فيها بالاقتراب من المُموّل عندما لا تكونُ هناك علاقةٌ قائمةٌ.

وفي هذه الحالات، سترغب في إيجاد طريقة للتّواصل المُباشر مع المُموّل، على سبيل المثال من خلال جمع التبرّعات المهنيّة أو من أعضاء مجلس الإدارة، والبدء في تكوين العلاقات.

ويتمثّلُ سرّ نجاح الفكرة في عدم طلب التّمويل في هذه المرحلة، ولكن في إبلاغ المُموّل عن مُؤسّستك، وعن العمل الذي تقوم به بطريقة تزيد الاهتمام بقضيّتك. 

على سبيل المثال، يُمكنك البدء بتشارك وصف موجز لمُؤسستك وبرامجك، عبر نشر كُتيّب أو منشور على موقع الويب أو تقرير، ثمّ قُم بإشراك المُموّلين في عملك تدريجياً بدعوتهم لزيارة مقرّ مُؤسستك.

سطّر خُطّة توردُ فيها كيفيّة تعاملك مع المُموّلين المُحتملين، وتحفيزهم على دعم قضيتك.

ضَعْ خُطة لكيفية التّعامل مع المُموّلين المُحتمَلين وحُثّهم على دعم قضيّتك

قُمْ بتَضمين خُطوات مُحدّدة سيتمّ اتّخاذها، ومن سيكون مسؤولاً عن كُل خُطوة، وجدول زمنيّ مع المواعيد النّهائيّة، ومساحةً لتدوين المُلاحظات والأفكار. 

وأثناء التّحضير لخُطّتك، نفّذ جلسة عصف ذهنيّ للتوصّل إلى أفكار إنمائيّة ماليّة إبداعيّة، وتَذَكّر أنّ الهدف الرّئيسيّ يتمثّلُ في مُساعدة المُموّلين على التعرّف عليك وعلى مُؤسّستك، كُلما تعلّموا منك زاد احتمال رغبتهم في المُشاركة.


3. فنّ طلب الدّعم

تدور هذه المرحلة من دورة جمع الأموال حول طلب التّمويل، وهي تُشبه إلى حدّ كبير مُقابلة العمل، إنّ العرض التقديميّ المُخطّط، بصَرف النّظر عمّا إذا كان عرضاً شفهياً أو اقتراحاً كتابياً أو حتى مقطعاً مرئياً، لابُدّ أن يتمّ بطريقة من المُرَجّح أن تُسفر عن تمويل، وللوُصول إلى هذه النقطة، ينبغي أن يتولّد لديك الشّعورُ والإدراك للمَانح المُناسب لكَ، ولأَنواع البرامج التي يميلُ هذا المانحُ إلى دعمها، ونطاق التّمويل الذي يميلُ إلى توفيره، والمَعايير التي يستخدمُها من أجل تحديد ما إذا كان ينبغي لهُ أن يقوم باستثمار أم لا. 

ونظرًا إلى أنَّ قراراتُ التّمويل تستندُ في المقام الأوّل إلى الجودة وفعاليّة التّكاليف، وما لم تتقدّم بطلب للحُصول على منح تنافُسيّة، فمن الأهميّة بمكان أن تُقيم علاقةَ صداقة مع المُموّل، ولكن وقبل تقديم طلب التّمويل، تأكّد من أنّ هذا المُموّل أو المانح مُستعدٌّ للتّواصل معك وقَبول اقتراحك، وتأكّد من أنّك مُستعدٌّ كفايةً للتّفاوُض معهُ، وأنّك صُغْت طلبك في الوقت المُناسب لزيادة فُرصك في الحُصول على التّمويل.

عندما تُقدّم طلبًا للتّمويل، تطرّق إلى ذكر مقدار المبلغ الذي تحتاجُهُ وكيفيّة استخدامه، وتأكّد من أنّ حُجّتك مقنعةٌ قدر الإمكان لذكر سبب الدّعم لمُموّلي قضيّتك، والقُدرة على توضيح ما سيحصُلون عليه من استثماراتهم، وكن على أُهبة للإجابة على جميع أسئلتهم حول برنامجك، ومُؤَهّلاتك، وعمليّاتك، واغتنم الوقت المناسب، وخاصّةً الوهلة الأُولى التي أبدى فيها المُموّلون اهتمامًا بدعم فعّال لقضيّتك.

في حالة طلبات المنح التنافُسيّة، من الأهميّة بمكان أن تقدم اقتراحًا يُعالج جميع متطلبات التمويل قبل الموعد النهائيّ.


4. التواصل المستمر

مع تركيز الانتباه على الحصول على التّمويل الذي تحتاجه، من السهل أن لا تنسى هذه المرحلة من دورة جمع التبرُّعات، والتي تتعلّق بالشّكر والتّقدير لمُؤَيّديك، يكون الهدفُ منها دفعُ المُموّلين ومُساعدتهم على الشّعور بالتّقدير، لدرجة أنّهم سيَرغبون في مواصلة دعم عملك، ورُبّما يكونون على استعداد لتقديم مُساهمة أكبر في المرّة القادمة.

فكّر في عقد استراتيجيّة للتّفكير من خلال أفكار للتّعبير عن التّقدير للمُمَوّلين، مثل إرسال مُذَكّرة شُكر مُحَرّرة بخطّ اليد، أو إرسال دعوَات مُمَيّزة إلى حدث خاصّ، أو تقديم هديّة رمزيّة تحمل اسم أو شعار مُنَظّمتك، أو لمحةً عن مَفهوم العمل الذي تقوم به. وفي حالة القَبول، فلا بُدّ أن تتأكّد من أنّك تفهم شروط الاتّفاقيّة جيّدًا، وأنّك قادرٌ على اتّباعها بدقّة قبل أن تخُطّ اسمك في خانة التّوقيعات، ومن المُهمّ أيضًا أن تُحافظَ بعدها على تدفُّق مُستمرّ من الاتّصالات مع المُموّلين، من أجل إبقائهم مُطّلعين على حالة البرنامج، أكثَر ممّا تتطلّبُهُ التّقارير المطلوبة.


بعد اطّلاعكَ على مُذَكّرة الحصول على ما تحتاجه للنجاح أعلاهُ، ربما تشعر أنّك أكثرُ استعدادًا للحصول على التّمويل والموارد الأُخرى اللاّزمة لإطلاق مشروع التّغيير الاجتماعيّ الخاص بك، وقد تفكر في أنّه وبمُجرّد الوصول إلى هدفك التّمويليّ، فسوف تكون جاهزًا للتّقدُّم.

إذا كان هذا هو الحال، قاوم الإغراء للتوقّف عن القراءة، ففي حين أنّ وجود تدفُّق مُستمرّ من التّمويل أمرٌ حاسمٌ لنجاح مُؤسّستك الاجتماعيّة، هناك عواملٌ أخرى لا تقلُّ أهميّةً ويجب أيضًا أخذها في الاعتبار.

وتذكّر دائمًا أن لا تأخُذ قرار إطلاق مشروع اجتماعيّ باستخفاف.

أنت مدين لك ولمُوظّفيك والأشخاص الذين تخدمهم، والمؤيدين الماليّين بالكامل، بأنّ لديك مُنظّمةً يُمكنها أن تدعم بفعاليّة جهود التغيير، لذلك خصّص الوقت الكافي للتفكير في مُهمّتك، ولاختبَار الطّلب على مُنتجاتك وخدماتك، وتطوير نموذج عائد مستدام، وجذب الأشخاص المُناسبين، والبحث عن مصادر تمويليّة مُناسبة، ويُمكنك القيام بذلك لتحديد ما إذا كنت ستنجح أم تفشل، لأنَّ كونك غير مُستعدّ يُمكنُهُ أن يُعرّض سُمعتك واستدامة مشروعك للخطر.

الأهمُّ من كُلّ ذلك، يُمكنك أن تُهدّد رفاهيّة الأشخاص الذين تنوي مساعدتهم، يجب عليك التّأكيد على أنّ إطلاق مشروعٌ اجتماعيٌّ وإدارته تتطلّب التزامًا كبيرًا بالوقت والمهارات والأموال والموارد الأخرى.


والحقيقة هي أنّ القليل من صانعي التّغيير ينجحون في إنجاح مشاريعهم من نُقطة الصّفر، أو الوصول إلى الاستدامة، وبغضّ النّظر عمّا إذا كان مشروعك تجاريًا تقليديًا، أو مُؤسّسةً غير ربحية، أو مؤسسة اجتماعيّةً، فإنّ مُعدّل الفشل مرتفعٌ إلى حدّ كبير.


لأنّهُ ووفقًا لدراسات مُتعددة، تفشلُ 55٪ من الشّركات النّاشئة في السنوات الثلاث الأولى من التشغيل، وبالنسبة للمنظمات غير الرّبحيّة، يُمكن أن يصل مُعدّل الفشل إلى 75٪، وتفشل مشاريع بدء التّشغيل عادةً لأنّه يقعُ التّخطيطُ لها من قبل أشخاص :

أ. لديهم خبرةٌ محدودةٌ جدًّا في إدارة مُؤسّسة ناجحة.

ب. التسرُّع في عمليّة الإنشاء دون النّظر بشكل مُلائم في دراسة جدوى المشروع.

ج. فشل في ضمان وجود الطّلب الكافي على المُنتجات والخدمات.

د. اهتمام غير كاف لعمليّات المشروع الاجتماعيّ.


بعد أن أمضيت الغالبية العظمى من حياتي المهنيّة في القطاع غير الربحيّ، شاهدتُ عددًا من الحالات التي ركّزت فيها المُنَظّمات على الحُصول على التّمويل، وتنفيذ البرامج بحيث تتجاهلُ ما يجري داخل المُؤَسّسة.


بعضُ الأمثلة تشملُ:

1. الانجذابُ إلى التحوُّل التدريجيّ نتيجةً لعَدم وُجود استراتيجيّة واضحة في المَكان.

2. الاستسلامُ لضُغوط الجهات المانحة لتَشغيل البَرَامج التي تقعُ خارج نطَاق ولاية المُنظّمات غير الرّبحيّة.

3. وضعُ الأشخاص الخطَأ في المواقف الخَاطئة ممّا يُؤَدّي إلى بُؤس شخصيّ، وبيئة عَمل غير صحيّة.

4. عدمُ الاهتمام بالكفاءة التّشغيليّة التي أدّت إلى إهدار الأموال الثّمينة.

5. إقرارُ التّمكين كقيمة أساسيّة في حين أنّ المُوَظّفين ليس لديهم رأيٌ يُذكر في الظُّروف التي تُؤَثّر عليهم بشكل مباشر وعلى عملهم.


يُنَبّهُكَ الجُزء الثّاني من هذا الدّليل إلى المَزالق التي يُمكن أن تَحُول دون تحقيق الرّبح من الأهداف، ونظرًا لأنّ المشاريع الاجتماعيّة، لديها القُدرة على إحداث تغيير إيجابيّ تحويليّ، من المُهمّ إيلاء الاهتمام بالتساوي لما يحدث داخل مُؤَسّستك وخارجها.


بينما تَمضي قُدُمًا في إطلاق مشروع التّغيير الاجتماعيّ وتنميته، إليكَ بعض الأُمور التي يجب وضعُها في الاعتبار:


دَعْ دليلك الوحيد يكونُ استراتيجيّةَ التّفكير الجيّدة:

يميلُ صانعو التّغيير إلى النّظر إلى الأُمور من الصُّورة الأشمل، فقد يكُون الأمرُ مُثيراً ومُحَفّزًا للتوصُّل إلى حلّ رائد من شأنه أن يُغيّر المُجتمع بشكل أساسيّ بطريقة إيجابيّة بينما يحتاجُ العَالم إلى رُؤًى، فإنّهُ يحتاجُ أيضًا إلى عاملين يُمكنهم وضعُ الأَفكار العظيمة موضعَ التّنفيذ، ومن هذا المُنطلق تكُون خارطةَ الطّريق مُفيدةً عند البدء في وَضع إستراتيجيّة، تأكّد من أنّ خُطّتك قد تمّت كتابتها كوثيقة قابلة للتّنفيذ والتي تعملُ كمُخَطّط لتطوير مُؤسّستك.


عند التّعامل مع هذه الطريقة، فَمن المُرَجّح أن تستخدم خُطّتك الإستراتيجيّة كدليل في عَملك اليوميّ، بدلاً من أن تكونَ تمرينًا في خانَة الاختيار سيتمُّ نسيانه بمُجرّد إتمامه، قُم ببناء المُرُونة في استراتيجيّتك الكُليّة لحساب التّغييرات غير المُتَوقّعة التي قد تحدُث أثناء التّنفيذ. 

على سبيل المثال، قُم بإعادة النّظر في خُطّتك الإستراتيجيّة مرّةً واحدةً على الأقلّ في السّنة، وإجراءُ التّعديلات اللاّزمة لضَمان مُواكبة مَسيرَتك، وتأكّد من أنّ خُطّتك الاستراتيجيّة تتضمّنُ تعريفًا للنّجاح لكُلّ بَرنامج من برامجك ومن أجل مُؤَسّستك ككُلّ، وهذا يشمل تطوير وحدات القياس مع مُؤَشّرات واضحة لكيفيّة ومتى يتحقّق النّجاح، كما لا يكفي أن تُدلي ببيان عامّ في كُتيّب جميل بأنَّ مُؤسستك ساعدَت عددًا من الأشخاص لإظهار الفرق الإيجابيّ الذي أحدثته مُنظّمتك في حياة الآخرين، سوفُ تحتاجُ إلى تطوير تقييم للوضع الحالّي قبل أن تبدأ بَرنامجك، ومُراقبة التّغييرات التي تمّ إجراؤها بشكل دوريّ خلال المسيرة غير الرّبحيّة عبر جمع وتحليل البَيَاناتَ من الأشخاص الذين يعملون في مُؤسّستك، والمُنَظّمات التي تعملُ معها عن كثب.

على سبيل المثال، تشملُ المُؤَشّرات التي تُظهرُ تأثيرًا أَوسَعَ في قطاع التّعليم، النّسبة المئويّة للطُّلاب الذين حصلوا على دَرجة البكالوريوس، ومقدار الدّخل المُكتسب بعد إكمال التّعليم، ومُستوى الرّضا الوظيفيّ، بالإضافة إلى قياس عدد الأطفال الذين أكملوا تعليمهم الثانويّ.


أَحط نَفسك بالأشخاص المُناسبين في المَواقع المُناسبة:

يَعرفُ المانحون الأَذكياءُ أنّهم لا يستطيعون القيام بكُلّ شيء بمفردهم، بدلاً من ذلك، يجذبُون الآخرين الذين يشاركونهم رؤيتهم، ولديهم مهاراتٌ تكميليةٌ إلى مُنَظّمتهم، ويتعلّق التّوظيفُ الجيّدُ بمطابقة احتياجات مؤسستك بالمَهارات والمواهب والشّخصيات المُناسبة، لأنّهُ وعلى الرُّغم من الإغراء الذي يكتنفُ طلب العون من عدّة أفراد، خاصّةً عندما تقُصّر في الوقت المُحدّد والأموال، فقد يكون الحصول على المساعدة الخاطئة في بعض الأحيان أسوأ من عدم وجود مساعدة على الإطلاق.


تنطبقُ نفس الفكرة على مجلس الإدارة:

إذا كان من المنطقيّ توسيع حجم مجلس الإدارة، ففكّر في إضافة أعضاء يُبدون شغفًا بقضيّتك ولديهم خبرةٌ في مجال ينقص عددُ الخُبراء فيه داخل مؤسستك (مثل القانون أو المُحاسبة أو التّسويق أو جمع التبرُّعات). ويتمثّلُ الخيار الآخر في دعوة الأفراد من ذوي الخبرة الخاصّة للعمل كمُستشارين للمُنَظّمات غير الربحيّة، وتأكّد من امتلاكهم لمجموعة مُتنوّعة من وجهات النّظر، وتأكّد كذلك من تَطبيقهم لوجهات النّظر هذه في مُؤَسّستك، لأنّ ذلك كفيلٌ بتحفيز التّفكير الإبداعيّ والحوارات الغنيّة.

وبما أنّ جميع الأشخاص يمتلكُونَ دوافع مختلفة لدعم المُنَظّمات غير الرّبحيّة، فمن المُهمّ التأكّد من أنّ الجميع يشعرون بأنّه قد تمّ تقديرهم بشكل صحيح حتى يستمرّوا في الالتفاف حول مُنَظّمتك، وضع في اعتبارك أنّ التّعويض الماليّ، رُغم أهمّيته، ليس سوى شكل واحد من أشكال التّقدير. 

فكّر بطريقة إبداعيّة في الطّرق الأخرى التي يمكنك من خلالها التّعبير عن شُكرك، مثل الملاحظات المكتوبة بخطّ اليد، والدعوات للمناسبات الخاصّة، وبطاقات الهدايا، وما إلى ذلك. 

إذ يتمثّلُ مغزى الفكرة في ضمان تحفيز النّاس على بذل قُصارى جهدهم وتحقيق المكافأة التي يتلقّونها، وأنّ لها معنًى كبير بالنّسبة لهم.


فكّر بطريقة مبتكرة داخل منظمتك:

من المُهمّ أيضًا إلى جانب تعيين الأشخاص المُناسبين في المناصب المُناسبة،  خلقُ بيئة عمل تُمكّن الجميع من أداء أفضل ما لديهم، ويعني ذلك الانتباه إلى كيفيّة إعداد المُنظمات غير الرّبحية، بالإضافة إلى أنظمة العمل وبروتوكولات الاتّصال الموجودة. 

إنّ اتّباع نهج مُخَصّص لإدارة مؤسستك غير الربحية قد يخدم احتياجاتك في البداية، ولكن مع نموّ المُنَظّمة، سترغب في الحصول على أهداف وأدوار ومسؤوليات وتوقعات واضحة ومُحَدّدة يُمكنها أن تُساعد في توجيه الأشخاص الذين تعمل معهم. ولا يعني ذلك أنّك بحاجة إلى إنشاء هيكل هرميّ تقليديّ، فكّر في نوع الهيكل التنظيميّ الأكثر ملاءمةً لمُنظمتك غير الرّبحيّة استنادًا إلى مُهمّتها، واستراتيجيّتها، ومُوظّفيها، وثقافتها، وعمليّاتها.

ضع الهدف العامّ لمؤسستك في الاعتبار أثناء قيامك بتطوير أنظمة الإدارة والتمويل والموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات وعمليّاتها، وفكّر في تلبية جميع الاحتياجات التي تخُصُّك من قريب أو من بعيد (احتياجاتك، احتياجات المُنَظّمة، احتياجات العميل، احتياجات الحريف، وما إلى ذلك.. )، وما إذا كانت الأنظمة التي تضعها هي الأفضل لإنجاز العمل بفعاليّة وكفاءة.

تشاورْ مع أخصائيّ تطوير مُؤَسّسات ماهر يُمكنه مُساعدتك في تصميم العمليّات التشغيليّة وإدارة الهيكل التّنظيميّ المُناسب الخاص بك.


قُم بمُحاذاة نوايا مُنظّمتك مع توجُّهات المانحين:

يتمُّ التّعبير عن ثقافة مُؤسّستك غير الربحيّة في بيان مهمتك، والطّريقة التي يتمّ بها إعداد مكتبك وتزيينه، وتفاعلات مُوظّفيك وملابسهم، وبطاقات العمل، إلخ..

ما هو الأمرُ الذي ترغبُ أن تُعرف به مُنَظّمتك؟

كيف ينظرُ المُوظّفون، والمُموّلون، والأشخاص الذين خدمتهُم، وعامّة الناس إلى مُنظّمتك؟

إذا كُنت لا تَعرف إجابة هذا السؤال، فُربّما حان الوقت لمعرفة مدى توافق الصورة المرغوب بها، والمُتوقّعة مع المُنظمات غير الربحيّة، كُلّما كانت تصوّراتك غير الهادفة للربح أكثرَ اتّساقًا، سواء كَانت بين الأشخاص داخل أو خارج المُؤّسّسة، كانت صُورتك أكثرَ دقّة. 

يُمكنُنا جميعًا التّفكير بسُهولة في الحَالات التي يكُون فيها المُنتج الذي اشتريناه، أَو الخدمة التي تلقّيناها غير مُتّسقة مع رسالة التّسويق، وتتمثّلُ إحدى الطّرق لتجنب هذا التّصادم في التأكُّد من أنّ الرّسائل الشَّفهيّة وغير اللّفظية، سواء كانت داخل أو خارج المنظمة، تتوافقُ مع رسالتك، واستراتيجيّتك، وقيمك.

استغلّ الفُرص المُتاحة لسؤال الأشخاص الذين تعمل معهم، وخَدَمْتَهم كيف يصفُون المُنظّمة، وما الذي يُفكّرون به، ولأنّ مُنظّمات التّغيير الاجتماعيّ غالبًا تعملُ على خلق فائدة تحويليّة لأَفراد المُجتمع المحرُومين، من المُهمّ دمج هذه القيم في الطّريقة التي تعملُ بها المُنظّمة ومن تَعمل معهُم، لذلك ضَع في اعتبارك أنّ طريقة إنفاق الأموال غير الرّبحية هي انعكاسٌ لقيَم مُؤسّستك.


 من المُهمّ تجنّب تعارض القيم المُتصوّرة!

على سبيل المثال، إذا كانت مُهمّة مُؤسّستك تتمثّلُ في الحفاظ على البيئة، فقُم بإظهار هذه القيم من خلال إنشاء برنامج لإعادة التدوير، واستخدام الطّاقة البديلة، وتوفير المَصادر من الغابات المُستدامة.



المصدر



  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top