منصة شاغر: مقترح لتأسيس منصة وطنية للتوظيف في القطاع غير الربحي

ع ع ع

رغم ما حققه القطاع غير الربحي في المملكة من نمو كمي ونوعي في السنوات الأخيرة، لا يزال ملف التوظيف يمثل أحد أبرز مكامن الخلل البنيوي التي تعوق تطوره المهني والمؤسسي.
وفي الوقت الذي تتعزز فيه مسارات الحوكمة، والشفافية، والاستدامة، تظل إدارة الموارد البشرية — بدءًا من الاستقطاب ووصولًا إلى التطوير الوظيفي — منطقة غير منتظمة، تخضع غالبًا لاجتهادات فردية، وتفتقر إلى مرجعية وطنية موحدة.

ضمن هذا السياق، جاء مقترح الأستاذ عبدالله مصطفى المحيفيظ، الذي ورد في تفاعل خاص مع البنك الثالث، ليقدّم تصورًا عمليًا قابلًا للتفعيل، يتمثل في إنشاء منصة وطنية للتوظيف في القطاع غير الربحي، تُدار تحت مظلة جهة رسمية، وتعمل كمرجعية ذكية لتنظيم العلاقة بين الكفاءات والفرص داخل هذا القطاع المتنامي.


خلفية الحاجة:

أشار مقال "تحديات التوظيف في القطاع غير الربحي: دروس من العالم، وتطبيقات على الواقع السعودي" إلى فجوة جوهرية تتعلق بغياب استراتيجيات توظيف واضحة، وارتفاع معدل الدوران، وضعف العلامة الوظيفية للجهات غير الربحية.

إلا أن المقترح المقدم من المحيفيظ يذهب إلى أبعد من التشخيص، باتجاه المعالجة التنظيمية من خلال ربط ملف التوظيف بحاضنة وطنية قادرة على توحيد الجهود، وتصحيح المسارات، وربط الجهات بأفضل الكفاءات بطريقة عادلة وموثوقة.


جوهر المقترح:

يقضي المقترح بإنشاء منصة وطنية مستقلة أو شبه مستقلة، متخصصة في التوظيف بالقطاع غير الربحي، على أن تعمل تحت إشراف إحدى الجهات التالية:

  • المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي

  • مجلس الجمعيات الأهلية

  • أو كيان مشترك بدعم من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية

ويستند تصميم المنصة إلى نماذج ناجحة مثل منصة "جدارات" في القطاع التعليمي، لكن بتكييفها لتخدم خصوصية القطاع غير الربحي.


أهداف المنصة المقترحة:

  1. تنظيم سوق العمل غير الربحي ورفع كفاءته.

  2. تجسير الفجوة بين العرض والطلب عبر أدوات تقنية وبيانات دقيقة.

  3. رفع الجاذبية المهنية للقطاع، وتعزيز العدالة في الوصول للفرص.

  4. دعم الجمعيات الناشئة والمناطق الطرفية التي تعاني من ضعف النفاذ للكوادر المؤهلة.

  5. توفير مؤشرات أداء ومعلومات سوقية تخدم صُنّاع القرار.


مكونات المنصة:

  • قاعدة بيانات وطنية للباحثين عن عمل في القطاع غير الربحي
    تشمل معلومات مهنية دقيقة، وشهادات، وخبرات، وتصنيفات حسب المهارات والتخصص.

  • نظام إعلانات ذكي للوظائف الشاغرة
    يرتبط بأنظمة الجمعيات والجهات المانحة، ويتيح التصفية والبحث والتوصيات المؤتمتة.

  • ملف توظيف موحد لكل منظمة
    يشمل سجلًا بأداء التوظيف، ومستويات الاستبقاء، والتنوع الوظيفي، والتدريب.

  • نظام شراكات مع مؤسسات التأهيل والتدريب
    لربط الخريجين والمهنيين بالفرص الوظيفية المتاحة في القطاع.

  • لوحة بيانات ومؤشرات حيوية
    تصدر تقارير ربع سنوية عن حالة التوظيف في القطاع، والفجوات، وفرص التحسين.


خطوات تنفيذية مقترحة:

  1. إطلاق دراسة جدوى وطنية بالتعاون بين المركز الوطني لتنمية القطاع ومجلس الجمعيات.

  2. عقد ورشة وطنية تشاركية تجمع الجهات الحكومية، الجمعيات، الجهات المانحة، والكفاءات المهنية.

  3. تصميم أولي للمنصة بالتعاون مع شركة تقنية محلية، على مراحل (MVP أولًا).

  4. إطلاق تجريبي مع 100 جهة غير ربحية مختارة في مناطق متنوعة.

  5. تقييم التجربة والتوسعة على مراحل مع دعم تشريعي وتقني وترويجي.


الأثر المتوقع:

  • تقليل معدل الدوران الوظيفي في القطاع بنسبة قد تصل إلى 30% خلال ثلاث سنوات.

  • رفع نسبة السعودة في الوظائف النوعية من خلال استهداف الكفاءات المؤهلة.

  • تمكين الجمعيات الصغيرة والمتوسطة من الوصول لكفاءات دون تكلفة إعلانية أو تسويقية عالية.

  • تكوين صورة ذهنية احترافية عن القطاع كمسار مهني ذي جدوى واستقرار.


خاتمة:

هذا المقترح، المقدم من الأستاذ عبدالله مصطفى المحيفيظ، لا يُعد اجتهادًا فرديًا فحسب، بل يمثل مسارًا استراتيجيًا قابلًا للتفعيل، ومتناغمًا مع رؤية المملكة 2030 في تمكين القطاع غير الربحي، ورفع إسهامه في الناتج المحلي، وتعزيز احترافيته المؤسسية.

ندعو الجهات ذات العلاقة إلى احتضان الفكرة وتحويلها إلى مشروع وطني نموذجي،
وليكن ملف التوظيف بوابة نحو بناء قطاع أكثر كفاءة، وعدالة، واستدامة.

صاحب المقترح:
عبدالله مصطفى المحيفيظ
مهتم بتطوير التوظيف في القطاع غير الربحي، وصناعة نماذج وطنية متقدمة لتمكين الكفاءات.

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

scroll to top