قراءة في خارطة أديب المحيذيف لتنمية المحافظات المتوسطة والصغيرة في المملكة

ع ع ع

تمهيد:

سعدنا في البنك الثالث باستضافة هذا المقال النوعي للكاتب الأستاذ أديب المحيذيف، الذي طرح رؤية طموحة، متجذّرة في الواقع، لتطوير المحافظات المتوسطة والصغيرة في السعودية، عبر خارطة طريق توازن بين التحليل الاستراتيجي والمقاربة المجتمعية، وتربط بين الفرص المحلية والأهداف الوطنية.


ما الجديد في هذا المقال؟

ما يميز هذا الطرح عن غيره أنه لا يكرر سردية "المركز والهامش"، بل يُعيد تعريف المحافظات المتوسطة والصغيرة بوصفها مساحات غير مستغلة للنمو الوطني، وليست مجرد مناطق تحتاج للدعم.

المقال يعالج القضية من منظور شمولي، يتقاطع فيه:

  • الاقتصاد المحلي: عبر جذب الصناعات، وتحفيز ريادة الأعمال.

  • الهوية الثقافية: بالحفاظ على الموروث والتنوع الشعبي.

  • البنية الاجتماعية: بتحفيز المشاركة المجتمعية وتمكين السكان.

  • البيئة والاستدامة: بحماية الموارد وتحقيق التوازن الطبيعي.


المنهجية: من التنظير إلى التخطيط

ينطلق الكاتب من تحليل معمق للتباين الجغرافي والسكاني، حيث يُظهر أن ما يقارب 11 مليون نسمة يسكنون هذه المحافظات، وهي كتلة بشرية ضخمة لا يمكن تجاهلها.
ثم يقترح الانتقال من "التنمية الهشة" إلى "التمكين المحلي"، عبر خطة تنفيذية مرنة تستند إلى:

  • تحديد الميزة التنافسية لكل محافظة

  • تفعيل أدوات الحوكمة المحلية

  • تنشيط التحالفات الثلاثية بين القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي


دور الفاعلين: إعادة توزيع المسؤولية

يركّز المقال على إعادة تعريف أدوار الفاعلين:

  • القطاع الخاص: شريك استثماري فاعل، لا مانح مشروط. يتدخل بتوطين المشاريع، وتوليد الوظائف، وتحفيز الخدمات.

  • القطاع غير الربحي: لاعب تنموي يعالج الفجوات، لا مجرد مزود خدمات خيرية. يملك القدرة على تأسيس أوقاف تنموية، وجمعيات متخصصة، ومراكز ابتكار اجتماعي.

  • السكان المحليون: ليسوا مجرد متلقين، بل مشاركون في القرار، والمبادرة، والتخطيط.


دروس من الميدان: حين تتحول الرؤية إلى واقع

لا يكتفي الكاتب بالتوصيات، بل يضع بين أيدينا نماذج حقيقية:

  • مدينة سدير الصناعية

  • مشروع العلا السياحي

  • تجربة أوقاف محمد الخضير بمحافظة رياض الخبراء، والتي تُعد مثالًا يحتذى به في التعليم والثقافة والتنمية المجتمعية.

هذه النماذج تؤكد أن الاستثمار في المحافظات ليس ترفًا تنمويًا، بل خيار استراتيجي لرفع الناتج المحلي وتحقيق العدالة المكانية.


نحو سياسات داعمة: ما المطلوب؟

من أبرز التوصيات التي يطرحها المقال:

  • تأسيس مؤسسة وطنية تعنى بتنمية المحافظات المتوسطة والصغيرة.

  • استحداث تصنيف جديد للجمعيات الأهلية تحت مسمى "جمعيات التطوير الحضري".

  • تفعيل الحوافز التشريعية للقطاعين الخاص وغير الربحي.

  • دعم إنشاء صناديق وقفية متخصصة للتنمية المحلية.

  • تشجيع الجامعات والمراكز التدريبية على التواجد المحلي.


هذه المقالة ليست مجرد دعوة للتنمية، بل تصميم مبدئي لسياسة عامة قابلة للتطبيق، تكسر مركزية التخطيط وتُعيد الاعتبار للمكان والإنسان.
وهي بذلك تستحق أن تُناقش في مجالس البلديات، وغرف التجارة، ومراكز الأبحاث، وأن تُبنى عليها مبادرات محلية ووقفية ومجتمعية.

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

scroll to top