كيف تستفيد المنظمات غير الربحية من الضرائب في تحقيق الاستدامة

ع ع ع

يُنظر إلى الاستدامة المالية على أنّها الوضعيّة التي تكون فيها المُنظّمة قادرةً على تنفيذ برامج عملها لمختلف النشاطات ضمن مدًى معين دون أن يقلل ذلك من قدرتها المستقبلية على الإنفاق، وحيثُ يقوم هذا المفهوم على أساس تحليل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية أو ما يُعرف بشرط الملاءة Condition Solvency، فإنّهُ وفي حال رغبت المُنظّمة أو اضطرت للتوسع في إنفاقها على المدى القصير، يجب عليها أن تكون قادرةً على التمويل من خلال مواردها الذاتيّة بما يضمن أدائها مهامّها بكل فاعلية وكفاءة من جهة، وبما يُمكّنها من مُواجهة أيّة مخاطر أو تأثيرات غير مرغوب بها سواء كانت حاليّةً أو مُستقبليةً خصوصاً على نمو قُدرتها الماليّة وتطوُّرها من جهة أخرى.

كما يستندُ هذا المفهوم على حقيقة مفادها أنّ الموازنة العامة لأيّة مُنظّمة يُمكنها أن تتعرض لجُملة من المخاطر، نتيجةً لوجود عوامل ضعف كامنة فيها، أو نتيجةً لعدم قدرتها على امتصاص آثار الصّدمات الماليّة والاقتصادية، سواء المحلية أو العالميّة.

ويتمُّ الرّبط بين ماهية الإجراءات التصحيحيّة المتخذة من قبل المُنظّمة وانعكاساتها على الاستدامة المالية من خلال مؤشرات عدّة مثلُ المنح والمساعدات الخارجية، والإيرادات المحلية الصافية نسبةً لإجمالي الإيرادات العامة والمنح، أو المنح لدعم الموازنة والإيرادات المحلية الصافية نسبةً للإنفاق الجاري، والتغلُّب على العجز الجاري نسبةً لإجمالي الناتج المحلي الإسميّ. وتُشدّد المُنظّمات غير الرّبحيّة اليوم على التزامها بإستراتيجيّاتها الرّامية إلى الاعتماد على الإيرادات المحلية لتمويل إنفاقها العام، خصوصاً تلك التي تتحكم في آليات ومواقيت استحقاقها، ممثلةً ببندي الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، وذلك مقابل الاستغناء التدريجي عن المنح والمساعدات الخارجية بغرض الوصول إلى تحقيق شرط الملاءة.

وتُؤدّي هذه التدابير والإجراءات إلى زيادة الإيرادات المحليّة، حيثُ تشملُ التّدابير التي تتخذُها المُنظّمات اليوم فيما يتعلق بزيادة الإيرادات المحلية الصافية مسارين رئيسيين:

1- المسار الأوّل: رفع مُتحصّلات الإيرادات الضريبية المحلية:
بالتّعاون مع الحكومات التي ترفعُ معدل ضريبة الدخل على أعلى شريحة من شرائح نظام ضريبة الدّخل بنسب مُتفاوتة، على غرار الهيئة العامة للزكاة والدخل التي تقوم بتوسعة نطاق التغطية لدَائرة كبار المكلفين بما يضمن ضم كافّة المُكلّفين الذين يُحققون دخلاً سنوياً مُرتفعًا نسبيًّا وإعادة تخمين قطاعات تنظيمية جديدة من الأملاك، ورفع مُعدلات الضريبة على القيمة المضافة.

2-  المسار الثاني: رفع مُتحصّلات المقاصة:
وهي خصم جزء من الدين الأعلى قيمة بين طرفين كلاهما دائن ومدين في ذات الوقت عبر تشكيل بنود المقاصة بما يزيد عن ثلثي الإيرادات المحلية الصافية وبما يغطي حوالي نصف الإنفاق الجاري، ونظراً للدور الذي يمثله هذا البند وأهمّيته في أيّة خطة من شأنها خلق مورد مالي مستدام للمُنظّمة والحكومة على حدّ السّواء، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات مشتركة من شأنها تفعيل الرقابة مع المُنظّمات بما يساعد في الحد من التّسرُّبات الضريبيّة في هذا البند، من جهة والمنح والمساعدات الخارجية من جهة أُخرى.

وتنسُجُ المُنظّمات العلاقة الإحلالية بين الإيرادات المحلية الصافية، وذلك لتحقيق المُوازنة والانسجام مع الخطوات التي تتخذها الحكومات مع إستراتيجيّتها المعلنة بالاعتماد على الموارد الذاتية بدلاً من الدعم الخارجي.
وبالتّالي تنخفضُ المنح والمساعدات كنسبة من الإيرادات العامة والمنح، ويرتفع مؤشر الإيرادات المحلية الصافية شاملةً المقاصة في اتجاهين متعاكسين، ويُؤدّي ذلك إلى ارتفاع حصة الإيرادات المحلية نسبة لإجماليّ الإيرادات العامة والمنح، مقابل انخفاض حصة المنح والمساعدات الخارجية.


  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top