في العقدين الأخيرين، شهدت برامج تعليم إدارة المنظمات غير الربحية في الولايات المتحدة نموًا ملحوظًا، حتى باتت تُعد اليوم مسارًا أكاديميًا مستقلاً ومطلوبًا في الجامعات. لم تعد هذه البرامج مجرد إضافات هامشية ضمن كليات الإدارة أو الخدمة الاجتماعية، بل أصبحت ركنًا ثابتًا في العديد من المؤسسات الأكاديمية التي تواكب اتساع دور القطاع غير الربحي في التنمية.
ست ملامح لمستقبل تعليم الإدارة غير الربحية
في تحليله الاستشرافي، يقدّم الباحث "مايكل أونيل" ستة توقعات رئيسية بشأن مستقبل هذا المجال الأكاديمي:
-
الاستمرارية المؤسسية للمجال:التعليم في هذا الحقل لن يزول؛ لقد رسّخ جذوره، وأصبح جزءًا من البنية التعليمية لمؤسسات التعليم العالي.
-
تنوع النماذج الأكاديمية دون توحيد نمطي:رغم شيوع نموذج الماجستير في الإدارة العامة (MPA) كخيار مفضل، إلا أن النموذج القائم على ماجستير إدارة الأعمال (MBA) لن يصبح المعيار السائد. سيبقى هناك تنوع في النماذج، مثل برامج الخدمة الاجتماعية والسياسات العامة.
-
نمو في المستويين: البكالوريوس والدكتوراه:سيتزايد الاهتمام بتدريس هذا التخصص في مرحلة البكالوريوس، كما سيشهد المجال ولادة برامج دكتوراه جديدة، مما يشير إلى رغبة في ترسيخ القاعدة المعرفية والبحثية للمجال.
-
تحول مصادر التمويل:ستنخفض مساهمات المؤسسات المانحة الكبرى، لتُستبدل بمصادر تمويل خارجية متنوعة، أبرزها الرسوم الدراسية.
-
استمرار النمو ولكن بوتيرة أبطأ:النمو الكبير الذي شهده القطاع غير الربحي خلال العقود الماضية سيبقى محفزًا للتوسع في تعليم الإدارة غير الربحية، لكن بوتيرة أقل من السابق.
-
الخطر الأكبر: النجاح ذاته!أبرز التحديات المستقبلية هي أن يتحول هذا المجال إلى "تعليم مؤسسي جامد"، لا يواكب التغيرات الجذرية في ممارسات القطاع نفسه، فيفقد صلته بالواقع المهني المتغير.
لماذا يهمنا هذا في العالم العربي؟
مع ازدياد الحاجة إلى الكفاءات الإدارية في المنظمات غير الربحية في السعودية والعالم العربي، يصبح من المهم أن ننتبه لهذه التجربة الأمريكية. فهي توفّر خارطة طريق تحذّر من الوقوع في فخ التقليد الجامد، وتدعو إلى بناء تعليم غير ربحي يراعي خصوصيات الواقع المحلي، دون أن ينفصل عن تطورات المجال عالميًا.
كما أن التحول نحو التنويع في النماذج الأكاديمية، وزيادة الحضور في مرحلة البكالوريوس، يمثلان فرصًا لتوسيع نطاق الوعي والاحتراف في إدارة العمل الخيري والاجتماعي منذ سن مبكرة.
ختامًا:
نجاح تعليم الإدارة غير الربحية لا يُقاس فقط بعدد البرامج أو الخريجين، بل بقدرته على البقاء حيًا، متجددًا، مرتبطًا بنبض القطاع وتحدياته المتسارعة.
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
