خصائص المدير المالي في المنظمة غير الربحية

ع ع ع

على مر السنين قادتني خبرتي في مختلف المناصب القيادية في مجال المالية إلى الفرضية التالية: يعتبر التمويل في صلب المنظمة غير الربحية أمرًا بالغ الأهمية لنجاح مهمتها سواءً من خلال تحديد كيفية إنفاق الموارد المالية أو تعزيزها، وتوضيح الأولويات التنظيمية أو دعم سبل القيادة. ومن هذا المنطلق، يحدد التمويل نجاح مهمة المنظمة وأثرها.

سلسلة متكاملة

إن النجاح المالي مرتبط بنجاح مهمة المنظمة، وهو ما يضمن الاستدامة التنظيمية طويلة المدى. أما الدائرة الافتراضية، حيث يرتبط التمويل والمهمة بشكل وثيق، فتضمن بدورها أن المنظمة غير الربحية يمكنها الحفاظ على الاستدامة على المدى الطويل مع استمرار النجاح المالي والتنظيمي. وهذا بلا شك أمر مهم لمؤسستك غير الربحية وللأثر المجتمعي لمهمتك.

كلما كانت برامجك أكثر فاعلية، كانت فرصك أفضل في الحصول على التمويل الكافي لدعم كل من الاحتياجات قصيرة الأمد والأهداف بعيدة الأمد. كما أن تراكم رأس المال أي صافي الأصول غير المقيدة، الذي يمكن استثماره في البرامج والاستراتيجيات الإدارية والتنمية، يعتبر عمومًا تحقيقًا لنتيجة مثالية. ويمكن قياس عائدات هذه البعثات الاستثمارات مع مرور الوقت.

نظرة معمقة حول دور المدير المالي داخل المنظمة غير الربحية

بالنظر إلى العلاقة المتكاملة بين النجاح المالي والتنظيمي، أردت أن أتعمق أكثر في دور المدير المالي داخل المنظمة غير الربحية، وفهمه أكثر من منظور شخصي. وفي الواقع، تشتمل مسؤوليات المدير المالي على مراجعة الحسابات، وإعداد ميزانية السنة المالية، ودفع الفواتير، وإخبار اللجان المعنيين بالشؤون المالية بما تعنيه الأرقام، وتحديد ما هو عرضة للخطر. لكنني أعتقد أنه توجد طريقة أخرى لمزيد فهم الدور الذي يضطلع به المدير المالي.

كل هذا البحث قادني إلى التعمق أكثر في عمل المدير المالي، من خلال طرح التساؤلات التالية:

  •    ما هو الإرث الدائم الذي يسعى المدير المالي لتكوينه؟
  •    ما الذي يمنحهم الرضا على الصعيد الفكري ويجعلهم صانعي قرار ناجحين؟
  •    ما الذي يجعلهم معتزين بالقدوم إلى العمل وأن يكونوا جزءًا من الفريق؟

توصلت أخيرًا لتحديد ثلاثة أدوار أساسية للمدير المالي والتي تتمثل في دور: المؤسس، وصانع القرار الإستراتيجي، ومطلق التوجه الثقافي داخل المنظمة.

المؤسس: يترك إرثًا دائمًا

باعتباره مديرًا ماليًا، يسمح دور المؤسس بتحديد العناصر الأساسية للمؤسسة ومهمتها. ويتمثل دور المؤسس في تمكين المنظمة من التحكم في مصير مهمتها.

يفخر المدير المالي بالعديد من المساهمات الإستراتيجية والتحليلية والمعاملات، لكن هناك ثلاثة جوانب أكثر أهمية لنجاح المهمة، حيث يقوم المؤسس بإنشاء:

  •    هيكل مالي مستدام يلبي احتياجات وأهداف وتطلعات المهمة.
  •    نموذج أعمال مستدام وديناميكي يضمن تحقيق الإيرادات اللازمة ويدير النفقات بكفاءة وفعالية.
  •    وظيفة مالية مستدامة وبنية تحتية تنظيمية من شأنها أن تساهم في نجاح المنظمة.

صانع القرار الاستراتيجي: تمهيد الطريق لنجاح المهمة

لضمان سير كل من السنة المالية والمهمة كما هو مخطط له، يجب على المدير المالي أن يكون مشاركًا نشطًا وصانع قرار إستراتيجي لضمان  إتباع المنظمة المسار الصحيح لتحقيق النجاح. ويعتبر هذا الدور بمثابة اختبار لقدرات المدير المالي.

في الواقع، هناك أربعة مجالات يكون فيها دور المدير المالي، باعتباره صانع القرار الإستراتيجي، بالغ الأهمية وهي:

  •    تحقيق الأهداف المالية سواء القصيرة أو طويلة المدى.
  •    إدارة الأموال بفعالية.
  •    الاستثمار في المهمة في الوقت المناسب.
  •    تعزيز القدرة الإنمائية للمنظمة.

مطلق التوجه الثقافي: بناء علاقات داخل المنظمة

بما أن المدير المالي هو بمثابة مطلق التوجه الثقافي داخل المنظمة، فإنه يساهم في خلق بيئة تتوافق فيها البرامج المالية والبرنامجية مع بعضها البعض، بطريقة يعمل فيها كلاهما على تحقيق نجاح المهمة. ويتيح هذا الدور للمدير المالي الشعور بأنه جزء من الفريق وقائد وعضو ومشارك فعال داخل المنظمة.

يجب على مطلق التوجه الثقافي أن:

  •    يبني علاقات متبادلة تعود بالنفع على الطرفين.
  •    يشدد على الشفافية والوضوح لبناء علاقات تقوم على الثقة.
  •    يعمل على تحقيق أهداف المنظمة.

لابد أن تكون الثقة المتبادلة ركيزة الشراكة بين المدير التنفيذي، ومجلس الإدارة، والمدير المالي، حيث يقوم المدير المالي بالانضمام إليهم في دائرة القيادة لتقديم بعض الحلول والعمل على تحقيق أهداف مهمة بشكل متعاون ومتبادل. وباعتباره مستشاراً إستراتيجياً موثوقاً به عند المدير التنفيذي ومجالس الإدارة واللجنة المالية، فإن مطلق التوجه الفكري داخل المنظمة يعمل على تشجيع الشراكات التي تدفع المنظمة إلى الأمام.

الكل أكبر من مجموع أجزائه

إن النجاح في إنجاز هذه الأدوار يرجع إلى فهم احتياجات المنظمة وأهدافها وتأثيرها. بعبارة أخرى، يجب أن تكون الأهداف والدوافع الإستراتيجية للوظيفة المالية انعكاساً لما تريد المنظمة أن تقوم به، وتوقيت القيام بذلك وكيفية تنفيذه من أجل تحقيق أكبر أثر ممكن.

ويعود نجاح المهمة أساسًا إلى إنجازات المدير المالي والوظيفة المالية ككل. فقد يكون هناك ضغط كبير، لكن المدير المالي الذي لديه حافز لمواجهة التحديات، سيلعب دورا حاسمًا في ضمان إرث دائم للمنظمة.

————————————————-

الموقع: أنبي إنغادج

الكاتب: راسل بومرانز

  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top