أساليب وتكتيكات قيادة الاستدامة

ع ع ع

إنَّ الاستدامة الماليّة في المُنظّمات غير الرّبحية تُعبّر عن نَهج مدروس واستراتيجيّ تتظَافر فيه الجُهُودُ داخلها، ويهدفُ إلى  الحفاظ على استدامة الأنشطة المُهمّة فيها رغم ورود المسائل الحرجة عليها، وتعتمدُ قيادةُ الاستدامة على جُملة من الأساليب والتّكتيكات، حيثُ تشكّلت انطلاقًا من هذا المنظور أربعةُ سمات أساسيّة، قد تدعمُها الأعمال، وهي:

1- المُمارسات الماليّة.

2- تمويل التّنمية.

3- التّخطيط الاستراتيجيّ والتّفكير.

4- القدرةُ على الابتكار.


أولاً: المُمارسات الماليّة:

إنَّ المُمارسات الماليّة السّليمة هي الشّرط الأساسيُّ والأوّل للاستدامة الماليّة، وتُعرّف الممارسات المالية كذلك على أنها الطريقة الروتينية التي يتم بها جمع الأنشطة المالية اليومية لمنظمة غير ربحية وتسجيلها والإبلاغ عنها، وعند الضرورة، التصرُّف وفقًا لها وتتجلّى هذه المُمارسات الماليّة في ثلاثة جوانب:


أ- الأهدافُ الماليّة:

تُحدّدُ الحاجة إلى أهداف ماليّة واضحة وقصيرَة أو طويلة الأجل الحدّ الأدنى من الدّخل والتّكاليف اللاّزمة للوفاء بالمُهمّة المذكورة، ولا يشتمل مفهوم رسم الأهدافُ الماليّةُ قصيرة وطويلة الأجل بوضوح، على تحديد مُعدّلات الحدّ الأدنى من النّفقات والأهداف من الإيرادات والمُقارنة بينهُما فقط، بل إنها تتعدَّى ذلك إلى تقديم عرض مُفصّل للميزانيّة بالكيفيّة التي تجعلُ تناولها مسألةً مُفيدةً، حيثُ أنَّ الميزانيّة التي تُفصِّل الإيرادات والنّفقات تفصيلاً جيّدًا تُمثّلُ إحدى الأدوات الأساسيّة المُتاحة لإدارة أيّة مُؤسسة بفعاليّة تامّة.

 وقد تفتقرُ المُنظّمات غيرُ الهادفة للرّبح إلى الخبرة وإلى أنظمة المعلُومات الماليّة التي تُمكّنُها من العمل باستخدام هذه الوسائل، وقد تحتاجُ كَذَلك إلَى الإرادة أو المَيل (الحافز) لاتّخاذ قرارات صارمة بخُصوص تبنّي مُمارسات يُؤدّي الالتزامُ بها في الغالب إلى تحديد الأهداف الماليّة وتحقيق المُرونة في الميزانيّة، وقد أدرَجَ الباحثون في هذا المجال على غرار De Waal سنة 2005 بعض الأفكار المُتعمّقة حول كيفيّة الارتقاء بالميزانيّة بما يتجاوزُ المُمارسة البدائيّة والمُتمثّلة في إعداد التّقارير الماليّة بناءًا على التوقُّعات الماليّة فقط، وهذا مُلخّص لبعض الأفكار:


1- تحديد أهداف تتعلق بظروف السوق، وليس بالتاريخ فحسب.

2- جعل وضع الميزانية ممارسةً استراتيجيةً مستمرةً وجاريةً خاصّةً مع تغيُّر الظُّروف ويُمكنُ أن تُصبح النُّهوج المُتّبعةُ باليةً.

3- بناء نُظم استباقيّة بحيث تتطلّعُ الميزانيّات إلى ما هو أبعدُ من النّظام الماليّ.

4- ضمان توفر الموارد دائماً "عند الطلب" ليس استناداً إلى توقُّعات تاريخيّة، بل إلى حجج أعمال جيّدة.

5- تمكين الوُصول السّهل إلى المعلومات على جميع مستويات المؤسسة.


وعلى الرُّغم من أنَّ هناك العديد من أنماط الميزانيّات، فإنَّ بعضها قد يُقدّمُ قيمةً أعلى للمُنظّمات غير الرّبحيّة، فميزانيّات البُنود أو التّدقيق فيهَا بندًا بندًا هي حلٌّ شائعٌ جدًّا، ولكنّها ليست استراتيجيةً جدًّا، في حين أن ميزانيّات البرامج تُولي اهتمامًا لمجالات البرامج والنّفقات العامّة المُحدّدة، ويُمكنها مساعدة قادة المُنظّمات غير الرّبحية على فهم التّكاليف الحقيقيّة للبرامج أو الخدمات.


والفهمُ الكاملُ لجميع التّكاليف أمرٌ بالغُ الأهميّة للإدارة المالية الجيدة، لكن يجب أن تستند الميزانيات إلى معلومات دقيقة حول برامج المنظمة وخدماتها، ويجب أن تتضمن الميزانية معلومات تاريخية، وأن تحدد الخطوط العريضة، إلى جانب تحديد الأصول التي يتم تقييدها وتمييز الأُصول التي تنتمي إلى البرامج، وتقديم صورة واقعيّة للأهداف الماليّة.  ( بحسب Kotloff & Burd، سنة 2012).


اقترح ليون سنة 2001 أنّ الاستدامة المالية للمُنظّمة تعتمد على التخطيط الاستراتيجي والمالي وعلى الإدارة والتمويل السّليم، وعمومًا يجب على المنظمات أن تكون واضحةً بشأن الأهداف الماليّة، مع إدراك أن العمليّات الماليّة يمكن أن تكون ديناميكيةً، وأن يكون لديها خُطةٌ تُحدّد استراتيجيّة المُنظّمة وأولويّاتها وتكاليف تنفيذ الإجراءات فيها.


كيف تقوم منظمةٌ غير ربحية بتطوير ميزانيّات تدعم الأهداف الإستراتيجية وتنفيذها؟


إن مواءمة النّطاق مع القدرة الماليّة للمُنظّمة هو صراعٌ مستمرٌّ لدى كُلّ منظمة غير ربحية، ويُخبرُنا ديفيدسون سنة 2010 من وجهة نظر حكوميّة، أنّ تحقيق الأهداف الماليّة يُشكّلُ مزيجًا من الاستراتيجيّات غير الماليّة التي تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات قصيرة وطويلة الأجل والتّخطيط الفعّال والكفاءة والتنبؤ المالي المُناسب وفقًا للظروف الاقتصادية الحالية.


إذن فما هي البدائلُ لعَجز الميزانيّة ونَقص الإيرادات؟


الإجابات عن هذا السُّؤال مُتسقةٌ في المنظمات غير الربحيّة والمنظمات الرّبحيّة، وتتمثّلُ في تخفيض الخدمات وتخفيض عدد المُوظّفين والموارد أو برامج الإيرادات البديلة.


كيف إذن تقوم المنظمة غير الهادفة للربح بموازنة الميزانية؟

يُحدد ديفيدسون بعض الاعتبارات الأساسيّة للحكومة، والتي تشمل ما يلي:

1. تحسينات في الإيرادات، على غرار آليات جمع إيرادات إضافية وتشتمل على تنويع برامج التمويل أو المشاريع الاجتماعية أو شراء المنح للمُنظّمات غير الربحية.

2. ترتيب أولويّات الخدمات والذي يشمل إعطاء الأولوية للخدمات المهمة للإنفاق الأساسي في المُنظّمات غير الرّبحيّة.

3. تخفيض تكاليف التشغيل وهو عبارةٌ عن تخفيض في الخدمات أو اعتمادًا أكبر على المتطوعين أو رُكونًا إلى التبرعات العينيّة لتعويض تكاليف التشغيل الثابتة في المُنظّمات غير الرّبحيّة.

4. إضفاء الطابع الإقليمي على الخدمات أو توحيدها ويشار إليها عمومًا باسم الخدمات المشتركة أو تمكين المنظمات غير الرّبحيّةُ من مشاركة الموارد أو الفضاءات أو الاستراتيجيّات.

5. التخطيط المالي بعيدُ المدى والذي يعني مُواءمة القُدرات الماليّة مع أهداف الخدمة طويلة الأجل  بالنّسبة لأيّ مُؤسّسة غير ربحيّة. 


ب- التّقارير الماليّة:

تُشير التقارير المالية إلى أنواع المعلومات المالية التي تستخدمها المُنظمات غير الربحية للمساعدة في صنع القرار، ويجب أن تتجاوز ممارسات إعداد التقارير السّليمة الممارسات المحاسبية الأولية، مثل سجلّات الودائع والمصروفات، لتشمل مقارنات بين الإنفاق الفعليّ والميزانيّة والانفاقات السّابقة. كما أنَّ بيانات التدفقات النقدية ونسب الأداء المالي المختلفة مفيدةٌ، وفهم التّكاليف البرنامجيّة وتكاليف التشغيل أو النفقات العامّة وكذلك التّمييز بينها أمرٌ مفيدٌ جدًّا.


ويُساعد تخصيص برامج وموظفين مدربين على تقليل أوجه القصور وتوليد معلومات مالية أكثر دقةً وموثوقيةً، فلا تستطيعُ المُنظّمات أن تُقدّم تقاريرًا مُستنيرةً إلاّ بمعلومات كاملة، وتحتاج قيادتها إلى ضمان أن تكون موارد التّقارير أو التُّكنولوجيا أو البرامج أو المهارات الداخليّة مطابقةً للبرامج والخدمات في صميم المهمة أو التّكليف.


هل المواردُ محدودةٌ للغاية؟

هل تكوين الموظفين مناسبٌ؟ 

هل أصبحت البرامج أكثر تطوراً وتتطلب من إدارة المُنظّمة أن تتطوّر؟


يجبُ على القادة أن يسألوا أنفسهم عمّا إذا كانت لديهم مهارةٌ ودعمٌ داخليّين كافيّين لإنتاج تقارير مالية مهمة لأن الحدّ من هذه القدرة يحُدُّ أيضًا من وظائف الرّقابة وإمكانيّات التّحليل، فإذا كانت الاستدامة المالية تعتمد على التخطيط الماليّ الحكيم، فكيف ينبغي قياس الأداء المالي لمنظمة غير ربحية والإبلاغ عنه؟

الجوابُ عن هذا السُّؤال هو أنَّ المنظمات غير الربحية لا تُعطي الأولويّة للرّبح، ممّا يعني أن تحليل التكلفة أو الفائدة النموذجي "غير مناسب لتقييم كيان لا يهدف للربح وليس له سعر أسهم مراقبة ولا مساهمين في الأسهم" بحسب Drom سنة 2007.

 

ج- الشفافيّة الماليّة:

جميعُ المنظمات غير الهادفة للربح يجب أن تخضع للتّدقيق لمعرفة كيفية استخدام الأموال وتوزيعها أو تخصيصها، حيثُ تشير الشفافية إلى مدى وصول أصحاب المصلحة الداخليّين والخارجيّين إلى المعلومات الماليّة التي تتناولُ اهتماماتهم التنظيميّة، ويكمن الاستخدام الكُفء والشفّاف للأموال في صميم بناء علاقة قويّة مع المُموّلين، حيث يثقُ المُموّلون ليس فقط في قُدرة المُنظّمة على الوفاء بولايتها، ولكن في الاستخدام الكفء والفعّال للأموال في هذه العملية.


وتساعد هذه الممارسة على ضمان ألاّ تتجاوز النفقات الفعليّةُ ما هو مُخطّطٌ لها وبالتالي يمكن للقيادة اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة الميزانية وتقديم البرامج أو الخدمات حتّى تعمل المنظمة، وتتطلب بشفافية أن تكون قيادتُها مسؤولةً.


يجب أن تُولّد الإجراءات التنظيميّةُ مُؤشّرات واضحة للحالة الماليّة، وأمام أصحاب الحسابات وتنبيه أصحاب المصلحة إلى أوجه القصور، ويجب أن يكون إعداد التقارير واضحًا وسهل الفهم للقارئ غير المالي، مما يسمح لجميع مستويات المؤسسة بالمشاركة وتحمل مسؤولية أو إبداء التمنُّع إزاء الحفاظ على الإيرادات والنّفقات المُستهدفة.


ثانياً: تمويل التّنمية:

 تعتمد المنظمات غير الربحية على أموال من مجموعة واسعة من المصادر، وتشمل مصادرُ هذه الأموال التبرُّعات الفرديّة والدعم من الشّركات والمنح الحُكوميّة والمُؤسسية والعقود ورسوم الانخراط وبيع السلع والخدمات، كما أنَّ مزيج الأموال يختلفُ من مؤسسة إلى أخرى وحسب مجال النّشاط أو القطاع الفرعيّ.

التمويل النّشط للتّنمية هو إذن شرطٌ أساسيٌّ آخر، لكنّه مَطلَبٌ أساسيٌّ للاستدامة الماليّة.


أنا أُعرّفُ تمويل التّنمية على أنّهُ:

أ- توليد الإيرادات

ب- تنوُّع الإيرادات

ج- الدّخل الخاصّ


هذه الفئات الثّلاثة لمُكوّنات تمويل التّنمية غيرُ حصريّة لبعضها البعض:


أ- توليد الإيرادات: 

إنَّ توليد الإرادات أولويةٌ مستمرةٌ للمُنظّمة ويدعمُه مُستوًى مناسب من الموارد، مثل جميع الاستراتيجيات المُدرّة للدّخل التي قد تستخدمها منظمة غير ربحية لتوليد الموارد المالية اللاّزمة لتنفيذ مهمتها.


يقُول الخبير سيمون (سنة 1997) في هذا الصّدد: "يجب على المنظمات غير الهادفة للربح أخذَ إيراداتها على محمل الجد ومُعاملتها كَشركة تجاريّة."


ويتطلّبُ الحُصول على الأموال أموالًا، ويستوجبُ ذلكَ من المُؤسّسات الاستثمار في الأعمال المدرة للدّخل، وبحسب سيتّي و زيكولّي سنة 2012، فيُمكنُ لتخطيط توليد الإيرادات أن يُساعد في تحديد الحدّ الأقصى للتّكاليف أثناء جمع الأموال، ويتعيّنُ على المنظمات أيضاً أن تفكر في سقف التّمويل لدى المانحين في تحويلهم الأصول والموارد إلى جمع التبرعات. لذلك، من المرجح أن يكون لكل مؤسسة نهجٌ مختلفٌ ومجموعةٌ مختلفةٌ من القيم. وعلى الأقلّ، يجبُ أن يكون توليد الإيرادات أولويةً نشطةً، مدعومةً بموارد كافية ومناسبة من المُنظّمة.


بحسب والترز سنة 2006 فإنّ توليد الإيرادات لهُ بُعدان: فهو يعتمدُ على رعاية المانحين وحيازة المانحين على حدّ سواء، حيث تستثمرُ المُنظّمات بنشاط في كلا النّشاطين.


وبحسب مور سنة 2000 فإنَّ خُطّة جمع التبرعات تُراعي بوُضوح جميع الأهداف التالية: الأهداف قصيرة وطويلة الأجل والتوجُّه العامّ والتّموقع والقضيّة المدعومة والأهداف الماليّة والميزانية واعتبارات المراقبة أو الإرشاد الماليّ، هي أداةٌ قيّمةٌ للتّوصيل بخطط تشغيليّة واستراتيجيّة أوسَعَ لدى المُنظّمات غير الرّبحيّة للوصول إلى مصدر مُحدّد للدّخل.


كما أنّ خُطّة جمع التبرُّعات ترتبطُ ارتباطًا جوهريًا بالإنتاج ذو القيمة الاجتماعية، وبخلاف الشّركات التي تعتمد على العملاء والحُرفاء فإنَّ المنظمات غير الربحية تعتمد على المانحين والأعضاء والمُتطوّعين الذين يُقدّمون مزيجًا من المُساهمات الخيريّة من مال ووقت وموارد.


ونشاطُ تمويل التّنمية عمليةٌ تعملُ على مستويات متعددة داخل المُنظّمة، ويرتبطُ ارتباطًا جوهريًا بالمفاهيم الخارجيّة للمُنظّمة التي يعمل جامعو التبرعات على تشكيلها حيثُ يحتاج تمويل التّنمية إلى التّركيز على مصالح المانحين واحتياجاتهم.


ب- تنوُّع الإيرادات: 

ويعني الحاجة إلى مصادر دخل متنوعة ونهج متعدد الجوانب لتمويل التنمية، وبحسب ليون سنة 2001 فإنَّ أفضل الممارسات تعتبر أنّ 60٪ على الأقلّ من ميزانيات المؤسسة يجب أن تأتي من خمسة مصادر مختلفة على الأقل.


ويقول سيتّي وزيكولّي أنّ الاستهداف المتعدد القطاعات هو نهجُ تنويع ويتطلب التركيز على مجموعة واسعة من المانحين، حيثُ تراعي الخطط التكتيكية التبرُّعات الفرديّة أو الهدايا الرئيسيّة أو الشركات الراعية أو منح القطاع الخاص. وعمومًا، يُمكن تصنيف طُرق جمع الأموال بطريقتين: الأولى هي التبرُّعات أو الاتفاقيات والثّانيةُ عمليّاتُ التّبادل والخصومات أو الهدايا.


ج- الدّخل الخاصّ: 

تبحث العديد من المنظمات غير الهادفة للربح في أشكالها الخاصة من توليد الدخل إلى جانب جمع التبرعات من أجل الاستثمار في نموها وتطورها، ويصف توليد الدخل الخاص نوع الإيرادات غير المقيدة التي يمكن أن تحققها المنظمة.

ومن الأمثلة على ذلك: المساهمات في الصندوق الوقفيّ أو الصُّندوق الاستئمانيّ والتبرُّعات العامّة ومبيعات السلع أو الخدمات والمؤسسات الاجتماعية التي تُباشرُ أعمالًا متعلقة بمهمة اجتماعيّة والإدارة المالية وتعني الإدارة الإستراتيجيّة للأصول من أجل الأداء والتّحالفات مع الشّركات والرعاية أو التسويق المرتبط بقضايا مُعيّنة.


عُمومًا ستَختلف الأساليب لدى المُنظّمات غير الرّبحيّة ولكن من الحكمة أن تنظر هذه المُنظّمات في نماذج التّمويل المُستقبليّة لتشمل "مجموعةً من مصادر التّمويل الأفضل" التي تتناسب واحتياجاتهم، وقد تتضمن بعض هذه الفرص "تحالفات اجتماعية" حيث تتوق المُنظّمات غير الهادفة للرّبح إلى زيادة المصادر لحلّ مشكلة اجتماعية ما، وإلى الشّراكة مع الشّركات التي تتوق إلى تحسين علامتها التّجاريّة أو صورتها.



هذه الميزاتُ الثّلاثةُ لتمويل التّنمية تُمكّنُ المُنظّمة من العمل بفعاليّة ومرونة، حيثُ أنَّ الفعاليّة هي المُكوّن الرئيسيُّ الثّاني للاستدامة الماليّة.


ثالثاً: التّخطيط الاستراتيجيّ والتّفكير:

يجب على المنظمات غير الهادفة للربح إنفاق أموالها بكفاءة ومُواءمة الموارد الماليّة مع الأهداف الحسّاسة للاستدامة المالية، حيثُ يشمل التخطيط الاستراتيجي والتفكير الاستراتيجي مهمةً واضحةً ورُؤيةً وأهدافًا ووسائلَ لقيادة النّتائج نحو الهدف المنشود وتَحقيقها وقياسها بشكل فعّال.


والتفكير الاستراتيجي هو العملية الذهنية لتحديد كيفية النجاح في تحقيق الاستدامة، في حين أن التّخطيط الاستراتيجيّ يحدد الخطوات الحاسمة الضروريّة لتحقيقها، وتُساعد كل من هذه المفاهيم المؤسسة على تطوير القدرة على التبصّر لاستكشاف جميع العقود المُستقبلية المُحتملة.


ويتكون التخطيط الاستراتيجيّ والتفكير من العناصر التالية والمتداخلة:


أ- الوضوح الاستراتيجي: 

الحاجة إلى الاستدامة المالية ليكون نهجًا مدرسيًا واستراتيجيًا من قِبل مجلس الإدارة حتى يتم النظر في تحقيق المهمة إلى جانب ضمان الإيرادات،


ب- القيادة والتّحكّم: 

الحاجة إلى وجود قيادة قوية وفعالة ونموذج حوكمة فعال، بما يتلاءم مع ظروف المنظمة وثقافتها، و


ج- المكونات الهيكليّة وأدوات التّخطيط: 

أي الحاجة إلى خطط استراتيجية وتشغيلية واضحة المعالم مع مراقبة وتحليل مستمر للأداء، إذ تعمل ميزات التخطيط الاستراتيجي والتفكير هذه كوسيلة لإظهار المصداقية: المكون الرئيسي الثالث للاستدامة الماليّة.


رابعاً: القدرةُ على الابتكار:

القُدرةُ على الابتكار هي السمة المميزة لمنظمة تستعد لتكون سريعة الاستجابة والتكيف مع كل الضغوط الداخلية والخارجية والتغيير، حيثُ تعتمد الاستدامة الماليّة على قدرة المنظمة على الابتكار، مما يعني باستمرار تلبية الاحتياجات الجديدة والمتغيرة ومعالجة المشاكل واحتضان التحديات عبر طرح الحُلول الإبداعيّة. 


وبحسب موريس وآخرون سنة 2007، يشيرُ مصطلح "الابتكار" إلى البحث عن حلول إبداعية أو غير عادية أو جديدة للمشاكل والاحتياجات.


كما يشير بومان سنة 2011 إلى وجوب تصرُّف المنظمة بالقدر الكافي لاغتنام الفرص والردّ على التّهديدات غير المتوقعة في سياق الاستدامة الماليّة، وهذا يُحيلُنا مباشرةً إلى القدرات الإبداعية والخلّاقة للمنظمة.


هناك ثلاثة جوانب مهمة للابتكار الإبداعي للمنظمات غير الربحية:

أ- عدم وضوح القطاع وتطويعُهُ: استخلاص فوائد وتحذيرات أساليب ريادة الأعمال واستراتيجيات الربح.

ب- التعاون المجتمعيّ: التّعاون المجتمعيّ كوسيلة لمعالجة القُيود.

ج- رأس المال الاجتماعيّ: إدارة المعرفة والتّفكير في النظم لجمع رأس المال الاجتماعي ونشره بشكل فعّال.


المصدر 


  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top