مركز جود الأعمال… ذراع تمكيني لعقد تنموي جديد
يعرِّف مركز جود الأعمال نفسه بوصفه الذراع التمكيني لوكالة الإسكان التنموي في وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان؛ أي إنه ليس جهة تنفيذ مشاريع مباشرة فقط، بل:
-
مرجعية وطنية لتحقيق الأثر التنموي في المجال الإسكاني والبلدي.
-
حلقة وصل بين الوزارة والقطاع غير الربحي "الثالث"، خصوصًا الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات الصلة بالإسكان والخدمات البلدية.
-
منصة لتمكين الجمعيات من خلال:
-
فهم احتياجات الوزارة والقطاع،
-
تطوير استراتيجيات مشتركة،
-
تقديم حلول للاستدامة،
-
وجذب الاستثمارات للمشاريع ذات البعد الاجتماعي.
-
من هذا الموقع، يأتي ملف «مأسسة الشركات غير الربحية» كأداة معرفية ورسالة سياسية وتنظيمية في الوقت نفسه:
السعودية لا تريد قطاعًا غير ربحيًا يعتمد فقط على التبرعات، بل تريد قطاعًا ثالثًا مُمأسسًا، اقتصاديًا، قادرًا على الدخول في السوق، وتحقيق أثر تنموي مستدام.
ما الذي يقدمه ملف «مأسسة الشركات غير الربحية»؟
الملف ليس دليلاً إجرائيًا للتأسيس بقدر ما هو:
-
مدخل فكري وتنظيمي لفهم نموذج الشركة غير الربحية.
-
محاولة لصياغة إطار ذهني للفاعلين في القطاع:لماذا نحتاج هذا النموذج؟ وكيف يختلف عن الجمعية والوقف؟
يمكن تلخيص بنية الملف في خمسة محاور رئيسية:
-
التعريف والسياق السعودييضع الشركة غير الربحية ضمن منظومة الأنظمة الجديدة في المملكة (نظام الشركات، تمكين القطاع غير الربحي، رؤية 2030)، ويقدّمها كأحد أدوات التحول من منطق “المنحة” إلى منطق “التمكين والاستثمار الاجتماعي”.
-
أهمية الشركة غير الربحيةيربط بين هذا النموذج وبين:
-
التنويع الاقتصادي،
-
استدامة التمويل،
-
رفع مستوى الحوكمة والشفافية،
-
وتعظيم الأثر الاجتماعي عبر أدوات السوق لا عبر الهبات فقط.
-
-
المجالات الممكنة للشركة غير الربحيةخصوصًا في:
-
الإسكان التنموي،
-
الخدمات البلدية،
-
التنمية المجتمعية،
-
التقنية والخدمات المساندة،مع إشارة ضمنية إلى أن النموذج قابل للتطبيق في أغلب مجالات القطاع غير الربحي.
-
-
الأشكال النظامية والأنواعيوضح أن الشركة غير الربحية ليست شكلاً واحدًا، بل يمكن أن تأتي مثلًا كـ:
-
شركة مساهمة غير ربحية،
-
أو شركة ذات مسؤولية محدودة غير ربحية،
-
مع تمييز بين:
-
شركات غير ربحية عامة (موجهة للمجتمع)،
-
وشركات غير ربحية خاصة (لفئة أو عائلة أو نطاق ضيق).
-
-
-
النماذج العالمية وعوامل الفشليعرض نماذج دولية لشركات غير ربحية ناجحة، ثم ينتقل إلى تحذير واضح:
ليست كل شركة غير ربحية قصة نجاح؛ كثير منها يفشل بسبب ضعف التخطيط، غياب الحوكمة، وضبابية التوجهات.
بهذا الترتيب يبني الملف «حجته»:
-
هذا نموذج نظامي معترف به،
-
له قيمة في الرؤية الوطنية،
-
له تطبيقات عملية واسعة،
-
وله تجارب ناجحة عالمية،
-
لكنه ليس ضمانة جاهزة للأثر إذا لم يُبنَ بشكل مهني.
الرسائل العميقة خلف النص
عند قراءة الملف بعيون البنك الثالث، يمكن التقاط مجموعة رسائل أعمق من النص الظاهر:
-
نقل مركز الثقل من “الجمعية” إلى “المنظومة”تقليديًا كانت الجمعية هي وعاء العمل غير الربحي الأول والأهم.الملف يلمّح إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج “مجموعة أوعية متكاملة”:
-
جمعية أو وقف أو مؤسسة أهلية تقوم بدور الحوكمة والتوجيه،
-
وشركة غير ربحية تقوم بدور التنفيذ الاقتصادي الاحترافي.
-
-
القطاع الإسكاني والبلدي ليس ملف منح فقطالرسالة الضمنية:
-
توفير المسكن اللائق،
-
وتحسين جودة الحياة في الأحياء والمدن،يتطلبان نماذج عمل اقتصادية:
-
إدارة أصول،
-
صيانة وتشغيل،
-
خدمات مجتمعية مستمرة،وهذه كلها طبيعتها أقرب إلى “شركة” منها إلى “برنامج موسمي”.
-
-
الوزارة تريد شريكًا محترفًا لا متلقّي دعم فقطمن خلال جود الأعمال، تعلن الوزارة – عمليًا – أنها:
-
لا تريد جمعيات تنتظر المنح فقط،
-
بل تريد شركاء من القطاع الثالث يدخلون معها في:
-
تعاقدات،
-
شراكات،
-
نماذج تمويل مبتكرة،عبر أذرع مؤسسية مرنة: الشركات غير الربحية.
-
-
-
إعادة تعريف صورة «المستفيد»عندما تتحول الجمعية أو الوقف إلى شركة غير ربحية في بعض أنشطتها:
-
يصبح المستفيد ليس فقط “الأسرة المستفيدة من السكن”،
-
بل أيضًا:
-
المدينة التي تتحسن خدماتها،
-
الحي الذي تنخفض فيه العشوائيات،
-
الشباب الذين يجدون فرص عمل في هذه الشركات،
-
والقطاع نفسه الذي يتعلم نماذج عمل أكثر احترافية.
-
-
نقاط قوة الملف من منظور مهني
من زاوية قراءة معرفية لبنك ثالث يحاول بناء أرشيف معرفي منظم للقطاع، يمكن رصد عدد من جوانب القوة:
-
الملف يصنع لغة مشتركة جديدةمجرد تعميم مصطلح «الشركة غير الربحية» في خطاب رسمي مدروس، يعني أننا ننتقل من:
-
لغة “الجمعيات” و“المتبرعين”،إلى:
-
لغة “الشركات غير الربحية”، “الاستدامة”، “الاستثمار الاجتماعي”،وهذا التحوّل اللغوي يسبق عادة تحولات في السياسات والممارسات.
-
-
ربط النموذج بالرؤية لا بالنظام فقطالملف لا يقدم الشركة غير الربحية كترتيب قانوني جامد، بل كأداة لتحقيق:
-
مستهدفات رؤية 2030،
-
ورفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي،وهذا الربط مهم لأنه:
-
يطمئن صانع القرار،
-
ويشجع المستثمر الاجتماعي،
-
ويحفز الجمعيات على التفكير في نفسها كطرف في مشروع وطني لا كجزيرة معزولة.
-
-
الجمع بين النماذج العالمية والتنبيه لعوامل الفشلهذه نقطة نادرة في الأدبيات العربية:
-
عادة نكتفي بعرض أمثلة لامعة، أو بعرض تحذيرات عامة.
-
هنا نجد محاولة للتوازن:
-
نعم، هناك نماذج ضخمة ناجحة (مستشفى، جامعة، شركة إدارة أصول وقفية).
-
لكن الفشل ممكن جدًا إذا نُسخ النموذج دون تهيئة وتكييف وحوكمة.
-
-
-
خدمة مباشرة لأجندة التمكين في المجال الإسكاني والبلديالملف من إنتاج ذراع تمكيني في قطاع محدد (الإسكان والبلديات)،لذلك القيمة الكبرى له تكمن في أنه:
-
يهيئ الجمعيات الإسكانية والبلدية نفسيًا وفكريًا للتفكير في تأسيس شركات غير ربحية،
-
كجزء من الحل، لا كتهديد لهويتها الخيرية.
-
الفجوات التي يتركها الملف مفتوحة
مع قوته، يبقى الملف تعريفيًا ومختصرًا، وهذا يترك عدّة أسئلة تحتاج إلى استكمال معرفي، هنا يأتي دور منصات مثل البنك الثالث:
-
لا توجد “مصفوفة قرار” بين الأوعية النظاميةما زال السؤال المركزي لدى كثير من الفاعلين:متى أؤسس جمعية؟ متى أؤسس شركة غير ربحية؟ متى أكتفي بوقف أو مؤسسة أهلية؟الملف لا يقدّم أداة عملية للاختيار بين هذه الخيارات أو دمجها.
-
غياب أمثلة سعودية مفصّلةكان من المفيد لو تضمّن:
-
دراسة حالة لمشروع إسكان تحول جزء منه إلى شركة غير ربحية،
-
أو نموذج شراكة بلدية – جمعية – شركة غير ربحية.هذه النماذج ستقرب الفكرة جدًا من الممارس السعودي.
-
-
إطار مالي وضريبي أوضحالنموذج المالي والضريبي للشركات غير الربحية في السعودية ما زال في ذهن كثيرين “منطقة ضبابية”،والملف لم يدخل في العمق في:
-
معاملة الزكاة،
-
الرسوم والضرائب،
-
تصنيف الإيرادات.
-
-
خارطة طريق تطبيقية للجمعيات الإسكانية والبلديةالملف يجيب على: “ما هي الشركة غير الربحية؟”لكنه لا يجيب بتفصيل على: “كيف سأتحوّل أنا – كجمعية إسكانية أو لجنة أهلية – إلى نموذج مزدوج: جمعية + شركة غير ربحية؟”.
ماذا يعني هذا الملف عمليًا للقطاع الإسكاني والبلدي؟
من زاوية عملية، يمكن ترجمة رسائل الملف إلى خمسة اتجاهات عمل للفاعلين في هذا القطاع:
-
إعادة تصميم الهياكل المؤسسيةبدل أن تكون الجمعية “تفعل كل شيء”،يمكن إعادة الهيكلة بحيث تصبح:
-
الجمعية/الوقف: حاضنة حوكمة وتوجيه ومساءلة،
-
الشركة غير الربحية: ذراع تنفيذي اقتصادي (تشغيل مشاريع الإسكان، إدارة المجمعات، الصيانة، الخدمات المجتمعية…).
-
-
بناء نماذج عمل جديدة مع الوزارة والبلدياتالشركة غير الربحية تفتح الباب أمام:
-
عقود تشغيل وإدارة،
-
نماذج مشاركة في الإيرادات،
-
شراكات ثلاثية: وزارة/بلدية – شركة غير ربحية – ممول أو مستثمر اجتماعي.
-
-
استقطاب كفاءات مهنية للسوق التنمويعندما تنشأ شركات غير ربحية في الإسكان والبلديات:
-
يصبح من الممكن استقطاب مهندسين، مخططي مدن، خبراء تشغيل، مختصي تقنية،
-
برواتب وحزم وظيفية أقرب للسوق، لكن في إطار غير ربحي يحقق أثرًا اجتماعيًا مباشرًا.
-
-
تعزيز الاستدامة المالية للجمعيات الإسكانيةبدل الاعتماد الكلّي على:
-
حملات التبرّع،
-
أو المنح الموسمية،يمكن أن:
-
تمتلك الجمعية شركة غير ربحية تدير أصولًا إسكانية،
-
وتحقق فوائض تغذي برامج الدعم المباشر للأسر.
-
-
إدخال منطق “الولاء للحي والمدينة” في نموذج العملخاصة في المجال البلدي،يمكن أن يكون للشركة غير الربحية دور في:
-
تحسين الفضاء العام،
-
تشغيل مرافق الحي (حدائق، مسارات مشي، أسواق أحياء)،
-
بما يعزز انتماء السكان ومدّ جسور بين البلدية والمجتمع المحلي.
-
مقترحات لبناء محتوى مكمل
-
مقال: متى تحتاج جمعيتك إلى شركة غير ربحية؟مع مصفوفة قرار عملية، وأسئلة تشخيصية.
-
دليل مختصر: 7 خطوات لتأسيس شركة غير ربحية مملوكة لجمعية إسكانيةيترجم لغة الأنظمة إلى لغة مبسطة.
-
دراسة حالة تخيّلية أو حقيقيةلجمعية إسكانية تؤسس شركة غير ربحية لإدارة مجمع سكني أو مشروع إعادة تأهيل حي.
-
مقابلات مع مسؤولين وخبراءمن:
-
مركز جود الأعمال،
-
المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي،
-
هيئات رقابية ومالية،لتوضيح الجوانب النظامية والمالية.
-
-
رسم معلوماتي (Infographic)يختصر:
-
الفرق بين الجمعية – الوقف – الشركة غير الربحية،
-
وكيف يمكن أن تتكامل معًا في نموذج واحد.
-
إلى أين يمكن أن تأخذنا مأسسة الشركات غير الربحية؟
في النهاية، يمكن قراءة ملف «مأسسة الشركات غير الربحية» بوصفه وثيقة انتقالية:
-
ينقل القطاع غير الربحي من صورة:
-
“جمعيات تبحث عن داعمين”،
-
-
إلى صورة:
-
“منظومة مؤسسية تضم جمعيات، أوقاف، وشركات غير ربحية تعمل معًا لتحقيق أثر تنموي مستدام”.
-
في المجال الإسكاني والبلدي تحديدًا، هذا التحول ليس ترفًا تنظيميًا، بل شرطًا واقعيًا إذا أردنا:
-
معالجة فجوات الإسكان،
-
تحسين جودة الحياة في الأحياء،
-
استدامة الخدمات البلدية المجتمعية،
-
وتكوين جيل من الكفاءات المهنية التي تجد مستقبلها داخل القطاع غير الربحي، لا خارجه.
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
