كيف يمكن لدولارات قليلة تُنفق على التدريب والتطوير أن تقلب معادلة الأثر في المنظمات الخيرية؟
لماذا لا يستثمر القطاع غير الربحي في موارده البشرية؟
أما المؤسسات المانحة، التي يُفترض أن تقود التغيير، فلم تخصص أكثر من 1٪ من منحها السنوية على مدى عشرين عامًا لمبادرات بناء القدرات وتطوير القيادات في المنظمات المستفيدة منها.
فكرة بدأت تكتسب زخمًا عالميًا
"الاستثمار في المواهب ليس ترفًا؛ بل هو استثمار مباشر في قدرة المنظمة على تحقيق رسالتها وتلبية الحاجات المجتمعية المتزايدة."
هذه القناعة لم تعد حكرًا على قادة الفكر فقط، بل بدأت تنتقل إلى الممولين والموظفين وصنّاع القرار داخل المنظمات، مدفوعة بوفرة الأدلة التي تربط بين تطوير الأفراد وتعظيم الأثر الاجتماعي.
طلب واضح على التطوير… يقابله ضعف في الاستجابة
-
في دراسة شملت أكثر من 500 موظف في القطاع غير الربحي، أجرتها Bridgespan، صرّح الغالبية بأن تطوير القيادات والتخطيط للخلافة القيادية يمثلان أضعف نقاط المنظمات التي يعملون بها.
-
وفي استطلاع أجرته ProInspire عام 2013، أقرّ 93٪ من المديرين بأن التدريب الإداري والقيادي سيحسن من أدائهم،بينما قال 50٪ منهم إنهم لا يملكون المهارات أو المعرفة أو الموارد الكافية للنجاح في أدوارهم الحالية.
هذه المؤشرات تكشف عن فجوة عميقة بين حاجة القطاع للتطوير الداخلي وبين واقع التجاهل أو التأجيل المستمر لهذا الملف.
أمثلة على نجاح الاستثمار في رأس المال البشري
1. منظمة Boys and Girls Club of America (BGCA)
استعانت المنظمة بشركة McKinsey & Co. لتحديد السمات القيادية الأربعة الأهم لنجاحها، وشاركت 650 قائدًا من 250 منظمة محلية في برامج تطوير مركزة على هذه السمات.
النتائج كانت مذهلة:
-
تفوق كبير للفروع المشاركة على نظرائها في جمع التبرعات، تسجيل الأعضاء، والاحتفاظ بهم.
-
العائد المالي الناتج من هذه البرامج فاق تكلفتها بمقدار 4 إلى 5 مرات.
2. صندوق Evelyn and Walter Haas Jr.
أطلق برنامج Flexible Leadership Awards، الذي بدأ تجريبيًا عام 2005، ليصبح اليوم مصدر دعم طويل الأمد ومخصص للقيادة في أكثر من 50 منظمة.
-
بين عامي 2005 و2012، قدّم الصندوق منحًا بقيمة 21.6 مليون دولار.
-
خلال المرحلة التجريبية (2005–2010)، حققت 93٪ من المنظمات المشاركة أهدافها، و13 من أصل 14 منظمة زادت ميزانياتها بنسبة 64٪ في المتوسط.
لماذا لا يحدث ذلك في مؤسساتنا؟
كيف نغيّر هذا الواقع؟ دروس من منظمات رائدة
🟢 Communities in Schools (CIS):
-
موظفو المكتب الوطني: 50
-
الميزانية: 19 مليون دولار
-
النهج: ميزانية تطوير مهني لكل موظف + نقاش سنوي معمّق حول الأداء والتطلعات والاحتياجات.
-
التصور القيادي: "نحن نؤمن بأن الاستثمار في فريقنا هو ما سيمكننا من مساعدة الطلاب على النجاح." — دان كاردينالي
🟢 GlobalGiving:
-
عدد الموظفين: 30
-
الميزانية: 4 ملايين دولار
-
النهج:
-
تغذية راجعة إلكترونية
-
1200 دولار سنويًا لكل موظف للتطوير
-
متابعة مؤشرات المواهب بدقة
-
-
النتيجة: حجم التبرعات نما 4 أضعاف في 5 سنوات مع نمو طفيف في الميزانية والموظفين.
السياق السعودي: نافذة استراتيجية ضمن رؤية 2030
القطاع غير الربحي في المملكة يقف على أعتاب تحول تاريخي:
-
لدينا مركز وطني لتنمية القطاع غير الربحي يضع الاستدامة وجودة الأداء على رأس أولوياته.
-
لدينا توجه لرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي من أقل من 1% إلى 5% بحلول 2030.
-
لدينا وزارات وجهات حكومية بدأت تربط تمويل الجمعيات بأثرها وليس فقط بأنشطتها.
توصيات عملية للمنظمات السعودية
-
أدرج بندًا سنويًا للتطوير المهني في ميزانيتك (حتى لو كان بسيطًا).
-
اربط التطوير الفردي بالأداء المؤسسي العام.
-
كافئ التعلم، لا فقط النتائج.
-
أشرك الموظفين في تصميم مساراتهم المهنية.
-
طالب المانحين بدعم تطوير الموظفين كما يدعمون البرامج.
ختامًا: لننتقل من "التبرع" إلى "التمكين"
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟