في الوقت الذي تتجه فيه دول العالم لإعادة اكتشاف هوياتها الثقافية كمورد اقتصادي، تأتي مبادرة وزارة الثقافة السعودية بإعلان عام 2025 عامًا للحرف اليدوية، لتفتح أبوابًا غير مسبوقة أمام القطاع غير الربحي ليعيد تموضعه كمحرك حيوي في التنمية، لا كمكمل هامشي.
أكثر من تراث.. الحرف اليدوية كرأسمال مجتمعي
الحرف اليدوية ليست مجرد أدوات تقليدية، بل هي خلاصة قرون من التراكم المعرفي، والارتباط بالهوية، والانغماس في جماليات البيئة المحلية. حين تحيك يد امرأة سُعودية سجادة من سعف النخل، أو يُنقش نقشٌ على النحاس في بلدةٍ تاريخية، فنحن لا نحفظ فقط قطعة من الماضي، بل نخلق وظائف، ونروّج للهوية، ونبني قطاعًا اقتصاديًا من خامات الأصالة.
وبهذا، لم يكن قرار الوزارة تسمية العام عبثيًا، بل جاء محمّلاً برسائل استراتيجية:
-
تمكين الحرفيين كجزء من التحول الوطني.
-
تعزيز الاقتصاد الإبداعي.
-
وتوثيق القصص الحرفية بوصفها سرديات ثقافية عابرة للأجيال.
كيف يشارك القطاع غير الربحي؟
مبادرة البنك الثالث في يناير 2025، جاءت لتقدم نموذجًا عمليًا لمشاركة القطاع غير الربحي في هذا العام، من خلال سلسلة أفكار استندت إلى دراسات عن تفاعل المواطنين عالميًا مع الفعاليات الثقافية والوطنية.
هذه أبرز محاور التفعيل:
1. التمكين الاقتصادي
-
إقامة ورش مجانية لتعليم الحرف اليدوية للفئات المستهدفة.
-
تأهيل النساء والشباب عبر برامج توظيف مهاري.
-
دعم الحرفيين من ذوي الإعاقة ببرامج مصممة باحتراف.
2. التحول الرقمي والتسويق الاجتماعي
-
تأسيس متاجر إلكترونية للحرفيين المحليين.
-
إنتاج محتوى وثائقي وتسويقي يروي قصص المنتجات ومن يصنعها.
-
التوعية عبر الحملات الإعلامية بمنهجية storytelling.
3. الشراكات العابرة للقطاعات
-
ربط الجمعيات بالمبادرات الحكومية والثقافية.
-
إشراك القطاع الخاص لرعاية وتبني منتجات حرفية محلية.
-
إشراك المدارس والجامعات في مسابقات وتحديات حرفية.
بين القصة والاقتصاد: الحرف اليدوية بوصفها حاملة لهوية المملكة
نقل صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة، في كلمته حول العام، جوهر الفكرة بدقة:
"الحرف اليدوية تقف وراءها قصص فريدة، ورموز تجسّد أرضنا، وما تحمله من إرث أصيل تتناقله الأجيال..."
الرؤية: ماذا بعد 2025؟
ما يُبنى خلال هذا العام، ينبغي ألا يُطوى بنهاية العام الميلادي، بل يجب أن يتأسس كـ منظومة اقتصادية دائمة داخل القطاع غير الربحي:
-
إنشاء صناديق استثمارية وقفية لدعم الحرفيين.
-
تأسيس حاضنات أعمال حرفية داخل الجمعيات.
-
إطلاق برامج تدريب على التسويق الرقمي للحرفيين.
-
بناء قصص العلامات التجارية المحلية من منظور ثقافي.
ختامًا:
- هل كانت هذه المقالة مفيدة؟